( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) . . فهؤلاء هم الذين يبقون على سواء الفطرة ، ويكملونها بالإيمان والعمل الصالح ، ويرتقون بها إلى الكمال المقدر لها ، حتى ينتهوا بها إلى حياة الكمال في دار الكمال . ( فلهم أجر غير ممنون )دائم غير مقطوع .
فأما الذين يرتكسون بفطرتهم إلى أسفل سافلين ، فيظلون ينحدرون بها في المنحدر ، حتى تستقر في الدرك الأسفل . هناك في جهنم ، حيث تهدر آدميتهم ، ويتمحضون للسفول !
فهذه وتلك نهايتان طبيعيتان لنقطة البدء . . إما استقامة على الفطرة القويمة ، وتكميل لها بالإيمان ، ورفع لها بالعمل الصالح . . فهي واصلة في النهاية إلى كمالها المقدر في حياة النعيم . . وإما انحراف عن الفطرة القويمة ، واندفاع مع النكسة ، وانقطاع عن النفخة الإلهية . . فهي واصلة في النهاية إلى دركها المقرر في حياة الجحيم .
ومن ثم تتجلى قيمة الإيمان في حياة الإنسان . . إنه المرتقى الذي تصل فيه الفطرة القويمة إلى غاية كمالها . إنه الحبل الممدود بين الفطرة وبارئها . إنه النور الذي يكشف لها مواقع خطاها في المرتقى الصاعد إلى حياة الخالدين المكرمين .
وحين ينقطع هذا الحبل ، وحين ينطفئ هذا النور ، فالنتيجة الحتمية هي الارتكاس في المنحدر الهابط إلى أسفل سافلين ، والانتهاء إلى إهدار الآدمية كلية ، حين يتمحض الطين في الكائن البشري ، فإذا هو وقود النار مع الحجارة سواء بسواء !
ثم أخبر أن { الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وإن نال بعضهم هذا في الدنيا { فلهم } في الآخرة { أجر غير ممنون } ، وقال الحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد وأبو العالية : المعنى { رددناه أسفل سافلين } في النار على كفره ، ثم استثنى { الذين آمنوا } استثناء منفصلاً ، فهم على هذا ليس فيهم من يرد أسفل سافلين في النار على كفره ، وفي حديث عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا بلغ المؤمن خمسين سنة خفف الله تعالى حسابه ، فإذا بلغ ستين رزقه الإنابة ، فإذا بلغ السبعين أحبه أهل السماء ، فإذا بلغ الثمانين كتبت حسناته وتجاوز الله عن سيئاته ، فإذا بلغ تسعين غفرت ذنوبه ، وشفع في أهل بيته ، وكان أسير الله في أرضه ، فإذا بلغ مائة ولم يعمل شيئاً كتب الله له ما كان يعمل في صحته ولم تكتب عليه سيئة{[11893]} . » وفي حديث «إن المؤمن إذا رد إلى أرذل العمر كتب الله له خير ما كان يعمله في قوته ، وذلك أجر غير ممنون . {[11894]} » و { ممنون } معناه : محسوب مصَرِّد{[11895]} يمن عليهم ، قاله مجاهد وغيره ، وقال كثير من المفسرين : معناه مقطوع من قولهم حبل منين ، أي ضعيف منقطع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.