إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ} (6)

وقولُه تعالَى : { إِلاَّ الذين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات } على الأولِ استثناءٌ متصلٌ منْ ضميرِ رددناهُ ، فإنَّه فِي معْنَى الجمعِ ، وعلى الثاني منقطعٌ ، أيْ لكنْ الذينَ كانُوا صالحينَ منْ الهَرْمَى { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } غيرُ منقطعٍ عَلى طاعتِهم وصبرِهم على ابتلاءِ الله تعالَى بالشيخوخةِ والهرمِ ، وعَلى مقاساةِ المشاقِّ ، والقيامِ بالعبادةِ على تخاذلِ نهوضِهم ، أو غيرِ ممنونٍ بهِ عليهمْ ، وهذِه الجملةُ على الأولِ مقررةٌ لمَا يفيدهُ الاستثناءُ منْ خروجِ المؤمنين عنْ حكمِ الردِّ ، ومبنيةٌ لكيفيةِ حالِهم والخطابُ في قولِه تعالَى : { فَمَا يُكَذّبُكَ بَعْدُ بالدين } .