اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ} (6)

قوله : { إِلاَّ الذين آمَنُواْ } فيه وجهان :

أحدهما : متصل ، على أن المعنى : رددناه أسفل من سفل خلقاً وتركيباً ، يعني أقبح من قبح خلقه ، وأشوههم صورة ، وهم أهل النار ، فالاتصال على هذا واضح .

والثاني : أنه منقطع ، على أن المعنى : ثم رددناه بعد ذلك التقويم والتحسين أسفل من سفل في الحسن والصورة والشكل ، حيث نكسناه في خلقه ، فقوس ظهره ، وضعف بصره وسمعه ، والمعنى : ولكن والذين كانوا صالحين من الهرمى فلهم ثواب دائم على طاعتهم ، وصبرهم على الابتداء بالشيخوخة ، ومشاق العبادة ، قاله الزمخشري{[60513]} ملخصاً ، وقال : أسفل سافلين على الجمع ؛ لأن الإنسان في معنى الجمع .

قال الفرَّاء : ولو قال : أسفل سافل جاز ، لأن لفظ الإنسان واحد ، كما تقول : هذا أفضل ، ولا تقول : أفضل قائمين ، لأنك تضمر الواحد ، فإن كان الواحد غير مضمور له ، رجع اسمه بالتوحيد ، والجمع ، كقوله تعالى : { والذي جَآءَ بالصدق وَصَدَّقَ بِهِ أولئك هُمُ المتقون } [ الزمر : 33 ] ، وقوله تعالى : { إِذَآ أَذَقْنَا الإنسان مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا } [ الشورى : 48 ] .

قوله تعالى : { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } .

قال الضحاكُ : أجر بغير عمل .

وقيل : غير مقطوع ، أي : لا يمن به عليهم .


[60513]:ينظر: الكشاف 4/774.