محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ} (6)

{ إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون } أي غير مقطوع ، أو غير منقوص ، أو غير محسوب ، أو غير ممنون به عليهم ، والاستثناء متصل من ضمير { رددناه } فإنه في معنى الجمع ؛ لأن المكنى عنه وهو الإنسان في معنى الجنس .

هذا ، وقد اعتمد ابن جرير في تأويل الآية ما روي عن ابن عباس من أن المعنى " ثم رددناه إلى أرذل العمر ، وأن من كان يعمل بطاعة الله في مشيئته كلها ثم كبر حتى ذهب عقله كتب له مثل عمله الصالح الذي كان يعمل في شبيبته ، ولم يؤاخذ بشيء مما عمل في كبره وذهاب عقله من أجل أنه مؤمن وكان يطيع الله في شبيبته " .

وعبارة ابن جرير {[7514]} " وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصحة ، وأشبهها بتأويل الآية قول من قال : معناه ثم رددناه إلى أرذل العمر إلى عمر الخرفى الذي ذهبت عقولهم من الهرم والكبر ، فهو في أسفل من سفل في إدبار العمر وذهاب العقل { إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات } في حال صحتهم وشبابهم { فلهم أجر غير ممنون } بعد هرمهم كهيئة ما كان لهم من ذلك على أعمالهم في حال ما كانوا يعملون وهم أقوياء على العمل .

قال : وإنما قلنا هذا القول أولى بالصواب في ذلك لأن الله تعالى ذكره أخبر عن خلقه ابن آدم وتصريفه في الأحوال احتجاجا بذلك على منكري قدرته على البعث بعد الموت ألا ترى أنه يقول : { فما يكذبك بعد بالدين }


[7514]:انظر الصفحة رقم 245 من الجزء الثلاثين (طبعة الحلبي الثانية).