فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ} (6)

{ إِلاَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } هذا الاستثناء على القول الأوّل منقطع ، أي لكن الذين آمنوا الخ ، ووجهه أن الهرم والردّ إلى أرذل العمر يصاب به المؤمن كما يصاب به الكافر فلا يكون لاستثناء المؤمنين على وجه الاتصال معنى . وعلى القول الثاني يكون الاستثناء متصلاً من ضمير { رددناه } ، فإنه في معنى الجمع : أي رددنا الإنسان أسفل سافلين من النار { إِلاَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } [ العصر : 3 ] { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } أي غير مقطوع : أي فلهم ثواب دائم غير منقطع على طاعاتهم ؛ فهذه الجملة على القول الأوّل مبينة لكيفية حال المؤمنين ، وعلى القول الثاني مقرّرة لما يفيده الاستثناء من خروج المؤمنين عن حكم الردّ ، وقال : أسفل سافلين على الجمع ، لأن الإنسان في معنى الجمع ، ولو قال : أسفل سافل لجاز ، لأن الإنسان باعتبار اللفظ واحد . وقيل : معنى «رددناه أسفل سافلين » : رددناه إلى الضلال ، كما قال : { إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } [ العصر : 2 ، 3 ] : أي إلاّ هؤلاء ، فلا يردّون إلى ذلك .

/خ8