{ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا } أي : كلاما لاغيا لا فائدة فيه ، ولا ما يؤثم ، فلا يسمعون فيها شتما ، ولا عيبا ، ولا قولا فيه معصية لله ، أو قولا مكدرا ، { إِلَّا سَلَامًا } أي : إلا الأقوال السالمة من كل عيب ، من ذكر لله ، وتحية ، وكلام سرور ، وبشارة ، ومطارحة الأحاديث الحسنة بين الإخوان ، وسماع خطاب الرحمن ، والأصوات الشجية ، من الحور والملائكة والولدان ، والنغمات المطربة ، والألفاظ الرخيمة ، لأن الدار ، دار السلام ، فليس فيها إلا السلام التام في جميع الوجوه . { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا } أي : أرزاقهم من المآكل والمشارب ، وأنواع اللذات ، مستمرة حيثما طلبوا ، وفي أي : وقت رغبوا ، ومن تمامها ولذاتها وحسنها ، أن تكون في أوقات معلومة . { بُكْرَةً وَعَشِيًّا } ليعظم وقعها ويتم نفعها .
ثم يرسم صورة للجنة ومن فيها . . ( لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ) فلا فضول في الحديث ولا ضجة ولا جدال ، إنما يسمع فيها صوت واحد يناسب هذا الجو الراضي . صوت السلام . . والرزق في هذه الجنة مكفول لا يحتاج إلى طلب ولا كد . ولا يشغل النفس بالقلق والخوف من التخلف أو النفاد : ( ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا )فما يليق الطلب ولا القلق في هذا الجو الراضي الناعم الأمين . .
{ لا يسمعون فيها لغوا } فضول كلام . { إلا سلاما } ولكن يسمعون قولا يسلمون فيه من العيب والنقيصة ، أو تسليم الملائكة عليهم أو تسليم بعضهم على بعض على الاستثناء المنقطع ، أو على أن معنى التسليم إن كان لغوا فلا يسمعون لغوا سواه كقوله :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم *** بهن فلول من قراع الكتائب
أو على أن معناه الدعاء بالسلامة وأهلها أغنياء عنه فهو من باب اللغو ظاهرا وإنما فائدته الإكرام . { ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا } على عادة المتنعمين والتوسط بين الزهادة والرغابة ، وقيل المراد دوام الرزق ودروره .
و «اللغو » الساقط من القول ، وهو أنواع مختلفة كلها ليست في الجنة ، وقوله { إلا سلاماً } ، استثناء منقطع ، المعنى لكن يسمعون كلاماً هو تحية الملائكة لهم في كل الأوقات . وقوله { بكرة وعشياً } ، يريد في التقدير أي يأتيهم طعامهم مرتين في مقدار اليوم والليلة من الزمن ، ويروى أن أهل الجنة تنسد لهم الأبواب بقدر الليل في الدنيا فهم يعرفون البكرة عند انفتاحها والعشي عند انسدادها ، وقال مجاهد : ليس بكرة ولا عشياً لكن يؤتى به على قدر ما كانوا يشتهون في الدنيا ، وقد ذكر نحوه قتادة ، أن تكون مخاطبة بما تعرفه العرب وتستغربه في رفاهة العيش ، وجعل ذلك عبارة عن أن رزقهم يأتي على أكمل وجوهه . وقال الحسن : خوطبوا على ما كانت العرب تعلم من أفضل العيش وذلك أن كثيراً من العرب إنما كان يجد الطعام المرة في اليوم وهي غايته ، وكان عيش أكثرهم من شجر البرية ومن الحيوان ونحوه ألا ترى قول الشاعر : [ المنسرح ]
عصرته نطفة تضمنها . . . لصب توقى مواقع السبل
أو وجبة من جناة أشكله . . . إن لم يزغها بالقوس لم تنلِ{[7990]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.