ولقد كان فيما تلكأوا كفاية ، ولكنهم يمضون في طريقهم ، يعقدون الأمور ، ويشددون على أنفسهم ، فيشدد الله عليهم . لقد عادوا مرة أخرى يسألون من الماهية :
( قالوا : ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ) .
ويعتذرون عن هذا السؤال وعن ذلك التلكؤ بأن الأمر مشكل :
وكأنما استشعروا لحاجتهم هذه المرة . فهم يقولون :
وقوله : { إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا } أي : لكثرتها ، فميز لنا هذه البقرة وصفها وحِلَّها لنا { وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ } إذا بينتها لنا { لَمُهْتَدُونَ } إليها .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن يحيى الأودي{[1985]} الصوفي ، حدثنا أبو سعيد أحمد بن داود الحداد ، حدثنا سرور بن المغيرة الواسطي ، ابن أخي منصور بن زاذان ، عن عباد بن منصور ، عن الحسن ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا أن بني إسرائيل قالوا : { وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ } لما أعطوا ، ولكن استثنوا " {[1986]} .
ورواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من وجه آخر ، عن سرور بن المغيرة ، عن{[1987]} زاذان ، عن عباد بن منصور ، عن الحسن ، عن حديث أبي رافع ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا أن بني إسرائيل قالوا : { وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ } ما أعطوا أبدًا ، ولو أنهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوا لأجزأت عنهم ، ولكنهم شددوا ، فشدد الله عليهم " {[1988]} .
وهذا حديث غريب من هذا الوجه ، وأحسن أحواله أن يكون من كلام أبي هريرة ، كما تقدم مثله{[1989]} عن السدي ، والله أعلم .
قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ( 70 )
وسألوه بعد هذا كله عما هي سؤال متحيرين قد أحسوا بمقت المعصية ، و { البقر } جمع بقرة ، وتجمع أيضاً على باقر ، وبه قرأ ابن يعمر وعكرمة ، وتجمع على بقير وبيقور( {[778]} ) ، ولم يقرأ بهما فيما علمت ، وقرأ السبعة : «تشابه » فعل ماض ، وقرأ الحسن «تشّابهُ » بشد الشين وضم الهاء ، أصله تتشابه ، وهي قراءة يحيى بن يعمر ، فأدغم ، وقرأ أيضاً «تَشَابهُ » بتخفيف الشين على حذف التاء الثانية ، وقرأ ابن مسعود «يَشابهُ » بالياء وإدغام التاء ، وحكى المهدي عن المعيطي( {[779]} ) «تشَّبَّهُ » بتشديد الشين والباء دون ألف ، وحكى أبو عمرو الداني قراءة «متشبه » اسم فاعل من تَشَبَّه ، وحكي أيضاً «يتشابهُ »( {[780]} ) .
وفي استثنائهم في هذا السؤال الأخير إنابة ما وانقياد ودليل ندم وحرص على موافقة الأمر ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لولا ما استثنوا ما اهتدوا إليها أبداً »( {[781]} ) ، والضمير في { إنا } ، هو اسم { إن } ، و { مهتدون } الخبر ، واللام للتأكيد ، والاستثناء اعتراض ، قدم على ذكر الاهتداء ، تهمماً به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.