{ 13 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ }
أي : يا أيها المؤمنون ، إن كنتم مؤمنين بربكم ، ومتبعين لرضاه ومجانبين لسخطه ، { لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } وإنما غضب عليهم لكفرهم ، وهذا شامل لجميع أصناف الكفار . { قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ } أي : قد حرموا من خير الآخرة ، فليس لهم منها نصيب ، فاحذروا أن تولوهم فتوافقوهم على شرهم وكفرهم{[1067]} فتحرموا خير الآخرة كما حرموا .
[ وقوله ] { كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ } حين أفضوا إلى الدار الآخرة ، ووقفوا على حقيقة الأمر{[1068]} وعلموا علم اليقين أنهم لا نصيب لهم منها . ويحتمل أن المعنى : قد يئسوا من الآخرة أي : قد أنكروها وكفروا بها ، فلا يستغرب حينئذ منهم الإقدام على مساخط الله وموجبات عذابه وإياسهم من الآخرة ، كما يئس الكفار المنكرون للبعث في الدنيا من رجوع أصحاب القبور إلى الله تعالى .
وفي الختام يجيء هذا الإيقاع العام :
( يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم ، قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور ) .
يجيء هتافا للذين آمنوا باسم الإيمان ، وبالصفة التي تميزهم عن سائر الأقوام ، إذ تصلهم بالله وتفصلهم عن أعداء الله .
وقد وردت بعض الروايات بأن المقصود بالقوم الذين غضب الله عليهم هم اليهود ، استنادا إلى دمغهم بهذه الصفة في مواضع أخرى من القرآن . ولكن هذا لا يمنع من عموم النص ليشمل اليهود والمشركين الذين ورد ذكرهم في السورة ، وكل أعداء الله . وكلهم غضب عليه الله . وكلهم يائس من الآخرة ، لا يعلق بها رجاء ، ولا يحسب لها حسابا كيأس الكفار من الموتى - أصحاب القبور - لاعتقادهم أن أمرهم انتهى ، وما عاد لهم من بعث ولا حساب .
وهو هتاف يتجمع من كل إيقاعات السورة واتجاهاتها . فتختم به كما بدأت بمثله . ليكون هو الإيقاع الأخير . الذي تترك السورة أصداءه في القلوب . .
ينهى تبارك وتعالى عن موالاة الكافرين في آخر " هذه السورة " كما نهى عنها في أولها فقال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } يعني : اليهود والنصارى وسائر الكفار ، ممن غضب الله عليه ولعنه واستحق من الله الطرد والإبعاد ، فكيف توالونهم وتتخذونهم أصدقاء وأخلاء وقد يئسوا من الآخرة ، أي : من ثواب الآخرة ونعيمها في حكم الله عز وجل . وقوله : { كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ } فيه قولان ، أحدهما : كما يئس الكفار الأحياء من قراباتهم الذين في القبور أن يجتمعوا بهم بعد ذلك ؛ لأنهم لا يعتقدون بعثا ولا نشورا ، فقد انقطع رجاؤهم منهم فيما يعتقدونه .
قال العوفي ، عن ابن عباس : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } إلى آخر السورة ، يعني من مات من الذين كفروا فقد يئس الأحياء من الذين كفروا أن يرجعوا إليهم أو يبعثهم الله عز وجل . وقال الحسن البصري : { كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ } قال : الكفار الأحياء قد يئسوا من الأموات . وقال قتادة : كما يئس الكفار أن يرجع إليهم أصحاب القبور الذين ماتوا ، وكذا قال الضحاك ، رواهن ابن جرير .
والقول الثاني : معناه : كما يئس الكفار الذين هم في القبور من كل خير .
قال الأعمش ، عن أبي الضُّحَى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود : { كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ } قال : كما يئس هذا الكافر إذا مات وعاين ثوابه واطلع عليه . وهذا قول مجاهد ، وعكرمة ، ومقاتل ، وابن زيد ، والكلبي ، ومنصور . وهو اختيار ابن جرير .
القول في تأويل قوله تعالى : { يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَوَلّوْاْ قوْماً غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُواْ مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ } .
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلّوْا قَوْما غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ }من اليهود { قَدْ يَئِسُوا مِنَ الاَخِرَة كَما يَئِسَ الكُفّارُ مِنْ أصحَابِ القُبُور }ِ .
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَة كَما يَئِسَ الكُفّارُ مِنْ أصحَابِ القُبُورِ } فقال بعضهم : معنى ذلك : قد يئس هؤلاء القوم الذين غضب الله عليهم من اليهود من ثواب الله في الاَخرة ، وأن يُبعثوا ، كما يئس الكفار الأحياء من أمواتهم الذين هم في القبور أن يرجعوا إليهم . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلّوْا قَوْما غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ . . . }الآية ، يعني من مات من الذين كفروا ، فقد يئس الأحياء من الذين كفروا أن يرجعوا إليهم ، أو يبعثهم الله .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسين أنه قال في هذه الآية : { قَدْ يَئِسُوا مِنَ الاَخِرَة كَما يَئِسَ الكُفّارُ مِنْ أصحَابِ القُبُورِ } قال : الكفار الأحياء قد يئسوا من الأموات .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { قَدْ يَئِسُوا مِنَ الاَخِرَة }يقول : يئسوا أن يُبعثوا كما يئس الكفار أن ترجع إليهم أصحاب القبور الذين ماتوا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلّوْا قَوْما غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الاَخِرَةِ . . . }الآية ، الكافر لا يرجو لقاء ميته ولا أجره .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { قَدْ يَئِسُوا مِنَ الاَخِرَة ، كَما يَئِسَ الكُفّارُ مِنْ أصحَابِ القُبُورِ }يقول : من مات من الذين كفروا فقد يئس الأحياء منهم أن يرجعوا إليهم ، أو يبعثهم الله .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : قد يئسوا من الاَخرة أن يرحمهم الله فيها ، ويغفر لهم ، كما يئس الكفار الذي هم أصحاب قبور قد ماتوا وصاروا إلى القبور من رحمة الله وعفوه عنهم في الاَخرة ، لأنهم قد أيقنوا بعذاب الله لهم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، في هذه الآية : { قَدْ يَئِسُوا مِنَ الاَخِرَة كَما يَئِسَ الكُفّارُ مِنْ أصحَابِ القُبُورِ }قال : أصحاب القبور الذين في القبور قد يئسوا من الاَخرة .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { قَدْ يَئِسُوا مِنَ الاَخِرَة كَما يَئِسَ الكُفّارُ مِنْ أصحَابِ القُبُورِ }قال : من ثواب الاَخرة حين تَبين لهم عملهن ، وعاينوا النار .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة أنه قال في هذه الآية : { قَدْ يَئِسُوا مِنَ الاَخِرَة . . . }الآية ، قال : أصحاب القبور قد يئسوا من الاَخرة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : قال الكلبي : { قد يئسوا من الاَخرة } ، يعني اليهود والنصارى ، يقول : قد يئسوا من ثواب الاَخرة وكرامتها ، كما يئس الكفار الذي قد ماتوا فهم في القبور من الجنة حين رأوا مقعدهم من النار .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { لا تَتَوَلّوْا قَوْما . . . }الآية ، قال : قد يئس هؤلاء الكفار من أن تكون لهم آخرة ، كما يئس الكفار الذين ماتوا الذين في القبور من أن تكون لهم آخرة ، لما عاينوا من أمر الاَخرة ، فكما يئس أولئك الكفار ، كذلك يئس هؤلاء الكفار قال : والقوم الذين غضب الله عليهم ، يهودهم الذين يئسوا من أن تكون لهم آخرة ، كما يئس الكفار قبلهم من أصحاب القبور ، لأنهم قد علموا كتاب الله وأقاموا على الكفر به ، وما صنعوا وقد علموا .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، في قوله : { يَئِسُوا مِنَ الاَخِرَةِ . . . } الآية ، قال : قد يئسوا أن يكون لهم ثواب الاَخرة ، كما يئس من في القبور من الكفار من الخير ، حين عاينوا العذاب والهوان .
وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال : قد يئس هؤلاء الذين غضب الله عليهم من اليهود من ثواب الله لهم في الاَخرة ، وكرامته لكفرهم وتكذيبهم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم على علم منهم بأنه لله نبيّ ، كما يئس الكفار منهم الذين مضوا قبلهم فهلكوا ، فصاروا أصحاب القبور ، وهم على مثل الذي هؤلاء عليه من تكذيبهم عيسى صلوات الله عليه وغيره من الرسل ، من ثواب الله وكرامته إياهم .
وإنما قلنا : ذلك أولى القولين بتأويل الآية ، لأن الأموات قد يئسوا من رجوعهم إلى الدنيا ، أو أن يُبعثوا قبل قيام الساعة المؤمنون والكفار ، فلا وجه لأن يخصّ بذلك الخبر عن الكفار ، وقد شركهم في الإياس من ذلك المؤمنون .
وقوله تعالى : { قوماً غضب الله عليهم } قال ابن زيد والحسن ومنذر بن سعيد هم اليهود لأن غضب الله قد صار عرفاً لهم ، وقال ابن عباس : هم في هذه الآية كفار قريش لأن كل كافر فعليه غضب من الله لا يرد بذلك ثبوت الغضب على اليهود .
قال القاضي أبو محمد : ولا سيما في المردة ككفار قريش إذ أعمالهم مغضبة ليست بمجرد ضلال بل فيها شرارات مقصودة ، وفي الكلام في التشبيه الذي في قوله : { كما يئس } يتبين الاحتياج إلى هذا الخلاف وذلك أن اليأس من الآخرة إما أن يكون بالتكذيب بها ، وهذا هو يأس كفار مكة ، قال معنى قوله : { كما يئس الكفار } كما يئس الكافر من صاحب قبر لأنه إذا مات له حميم قال : هذا آخر العهد به لن يبعث أبداً ، فمعنى الآية : أن اعتقاد أهل مكة في الآخرة كاعتقاد الكافر في البعث ولقاء موتاه ، وهذا هو تأويل ابن عباس والحسن وقتادة في معنى قوله تعالى : { كما يئس الكفار } ، ومن قال إن القوم المشار إليهم هم اليهود ، قال معنى قوله : { يئس الكفار } أي كما يئس الكافر من الرحمة إذا مات وكان صاحب قبر ، وذلك أنه يروى أن الكافر إذا كان في قبره عرض عليه مقعده في الجنة أن لو كان مؤمناً ثم يعرض عليه مقعده من النار الذي يصير إليه{[11066]} ، فهو يائس من رحمة الله مع علمه بها ويقينه ، وهذا تأويل مجاهد وابن جبير وابن زيد في قوله : { كما يئس الكفار } فمعنى الآية : أن يأس اليهود من رحمة الله في الآخرة مع علمهم بها كيأس ذلك الكافر في قبره وذلك لأنهم قد رين على قلوبهم وحملهم الحسد على ترك الإيمان وغلب على ظنونهم أنهم معذبون ، وهذه كانت صفة كثير من معاصري النبي صلى الله عليه وسلم ، و { من } في قوله { من أصحاب } على القول الأول هي لابتداء الغاية ، وفي القول الثاني هي لبيان الجنس والتبعيض يتوجهان فيها وبيان الجنس أظهر .
بعد أن استقصت السورة إرشاد المسلمين إلى ما يجب في المعاملة مع المشركين ، جاء في خاتمتها الإِرشاد إلى المعاملة مع قوم ليسوا دون المشركين في وجوب الحذر منهم وهم اليهود ، فالمراد بهم غير المشركين إذ شُبه يأسهم من الآخرة بيأس الكفار ، فتعين أن هؤلاء غير المشركين لئلا يكون من تشبيه الشيء بنفسه .
وقد نعتهم الله بأنهم قوم غَضب الله عليهم ، وهذه صفة تكرر في القرآن إلحاقها باليهود كما جاء في سورة الفاتحة أنهم المغضوب عليهم . فتكون هذه الآية مثلَ قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزؤاً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء } في سورة [ العقود : 57 ] .
ذلك أن يهود خيبر كانوا يومئذٍ بجوار المسلمين من أهل المدينة . وذكر الواحدي في « أسباب النزول » : أنها نزلت في ناس من فقراء المسلمين يعملون عند اليهود ويواصلونهم ليصيبوا بذلك من ثمارهم ، وربما أخبروا اليهودَ بأحوال المسلمين عن غفلة وقِلة حذر فنبههم الله إلى أن لا يتولوهم .
واليَأس : عدم توقع الشيء فإذا علق بذاتتٍ كان دالاً على عدم توقع وجودها . وإذ قد كان اليهود لا ينكرون الدار الآخرة كان معنى يأسهم من الآخرة محتمِلاً أن يراد به الإِعراضُ عن العمل للآخرة فكأنهم في إهمال الاستعداد لها آيسُون منها ، وهذا في معنى قوله تعالى في شأنهم : { أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون } في سورة [ البقرة : 86 ] .
وتشبيه إعراضهم هذا بيأس الكفار من أصحاب القبور وجهه شدة الإِعراض وعدم التفكر في الأمر ، شُبه إعراضهم عن العمل لنفع الآخرة بيأس الكفار من حياة الموتى والبعثثِ وفيه تشنيع المشبه ، ومِن أصحاب القبور } على هذا الوجه متعلق ب { يئسوا } . و { الكفار } : المشركون .
ويجوز أن يكون { من أصحاب القبور } بياناً للكفار ، أي الكفار الذين هلكوا ورأوا أن لا حظّ لهم في خير الآخرة فشبه إعراض اليهود عن الآخرة بيأس الكفار من نعيم الآخرة ، ووجه الشبه تحقق عدم الانتفاع بالآخرة . والمعنى كيأس الكفار الأمواتتِ ، أي يأساً من الآخرة .
والمشبه به معلوم للمسلمين بالاعتقاد فالكلام من تشبيه المحسوس بالمعقول .
وفي استعارة اليأس للإِعراض ضرب من المشاكلة أيضاً .
ويحتمل أن يكون يأسهم من الآخرة أطلق على حرمانهم من نعيم الحياة الآخرة . فالمعنى : قد أيأسناهم من الآخرة على نحو قوله تعالى : { والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي } في سورة [ العنكبوت : 23 ] .
ومن المفسرين الأولين من حمل هذه الآية على معنى التأكيد لما في أول السورة من قوله : { يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء } [ الممتحنة : 1 ] فالقوم الذين غَضَب الله عليهم هم المشركون فإنهم وُصفوا بالعدوِّ لله والعدوُّ مغضوب عليه ونسب هذا إلى ابن عباس . وجعل يأسهم من الآخرة هو إنكارهم البعث .
وجعل تشبيه يأسهم من الآخرة بيأس الكفار من أصحاب القبور أن يأس الكفار الأحياء كيأس الأموات من الكفار ، أي كيأس أسلافهم الذين هم في القبور إذ كانوا في مدة حياتهم آيسين من الآخرة فتكون { مِن } بيانية صفة للكفار ، وليست متعلقة بفعل { يئس } فليس في لفظ { الكفار } إظهار في مقام الإِضمار وإلاّ لزم أن يشبه الشيء بنفسه كما قد توهم .