المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيۡءٖ فَمَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتُهَاۚ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (60)

60- وكل شيء رُزقْتموه من أعراض الدنيا وزينتها متاع محدود إلى أمد قريب ، فلا يصرفَنَّكم عن الإيمان والعمل الصالح ، فإن ما عند الله في الآخرة من الثواب والنعيم الخالد أنفع وأدوم من ذلك كله ، فلماذا لا تُعمِلون عقولكم بدل أهوائكم ؟ .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيۡءٖ فَمَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتُهَاۚ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (60)

{ 60-61 } { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ * أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ }

هذا حض من الله لعباده على الزهد في الدنيا وعدم الاغترار بها ، وعلى الرغبة في الأخرى ، وجعلها مقصود العبد ومطلوبه ، ويخبرهم أن جميع ما أوتيه الخلق ، من الذهب ، والفضة ، والحيوانات والأمتعة ، والنساء ، والبنين ، والمآكل ، والمشارب ، واللذات ، كلها متاع الحياة [ الدنيا ] وزينتها ، أي : يتمتع به وقتا قصيرا ، متاعا قاصرا ، محشوا بالمنغصات ، ممزوجا بالغصص .

ويزين به زمانا يسيرا ، للفخر والرياء ، ثم يزول ذلك سريعا ، وينقضي جميعا ، ولم يستفد صاحبه منه إلا الحسرة والندم ، والخيبة والحرمان .

{ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ } من النعيم المقيم ، والعيش السليم { خَيْرٌ وَأَبْقَى } أي : أفضل في وصفه وكميته ، وهو دائم أبدا ، ومستمر سرمدا .

{ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } أي : أفلا يكون لكم عقول ، بها تزنون أي : الأمور{[609]} أولى بالإيثار ، وأي : الدارين أحق للعمل لها فدل ذلك أنه بحسب عقل العبد ، يؤثر الأخرى على الدنيا ، وأنه ما آثر أحد الدنيا إلا لنقص في عقله ،


[609]:- في ب: الأمرين.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيۡءٖ فَمَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتُهَاۚ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (60)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَآ أُوتِيتُم مّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وما أُعطيتم أيها الناس من شيء من الأموال والأولاد ، فإنما هو متاع تتمتعون به في هذه الحياة الدنيا ، وهو من زينتها التي يترين به فيها ، لا يغنى عنكم عند الله شيئا ، ولا ينفعكم شيء منه في معادكم ، وما عند الله لأهل طاعته وولايته خير مما أوتيتموه أنتم في هذه الدنيا من متاعها وزينتها وأبقى ، يقول : وأبقى لأهله ، لأنه دائم لا نفاد له . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

20981حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، في قوله وَما عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ وأبْقَى قال : خير ثوابا ، وأبقى عندنا أفَلاَ تَعْقِلُونَ يقول تعالى ذكره : أفلا عقول لكم أيها القوم تتدبرون بها فتعرفون بها الخير من الشرّ ، وتختارون لأنفسكم خير المنزلتين على شرّهما ، وتؤثرون الدائم الذي لا نفاد له من النعيم ، على الفاني الذي لا بقاء له .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيۡءٖ فَمَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتُهَاۚ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (60)

لما ذكرهم الله بنعمه عليهم تذكيراً أدمج في خلال الرد على قولهم { إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا } [ القصص : 57 ] بقوله { تجبى إليه ثمرات كل شيء رزقاً من لدنا } [ القصص : 57 ] أعقبه بأن كل ما أوتوه من نعمة هو من متاع الحياة الدنيا كالأمن والرزق ، ومن زينتها كاللباس والأنعام والمال ، وأما ما عند الله من نعيم الآخرة من ذلك وأبقى لئلا يحسبوا أن ما هم فيه من الأمن والرزق هو الغاية المطلوبة فلا يتطلبوا ما به تحصيل النعيم العظيم الأبدي ، وتحصيله بالإيمان . ولا يجعلوا ذلك موازناً لاتباع الهدى وإن كان في اتباع الهدى تفويت ما هم فيه من أرضهم وخيراتها لو سلم ذلك . هذا وجه مناسبة هذه الآية لما قبلها .

و { من شيء } بيان ل { ما أوتيتم } والمراد من أشياء المنافع كما دل عليه المقام لأن الإيتاء شائع في إعطاء ما ينفع .

وقد التفت الكلام من الغيبة من قوله { أوَ لم نُمكن لهم حرماً } [ القصص : 57 ] إلى الخطاب في قوله { أوتيتم } لأن ما تقدم من الكلام أوجب توجيه التوبيخ مواجهة اليهم .

والمتاع : ما ينتفع به زمناً ثم يزول .

والزينة : ما يحسن الأجسام .

والمراد بكون ما عند الله خيراً ، أن أجناس الآخرة خير مما أوتوه في كمال أجناسها ، وأما كونه أبقى فهو بمعنى الخلود .

وتفرع على هذا الخبر استفهام توبيخي وتقريري على عدم عقل المخاطبين لأنهم لما لم يستدلوا بعقولهم على طريق الخير نزّلوا منزلة من أفسد عقله فسئلوا : أهم كذلك ؟ .

وقرأ الجمهور { تعقلون } بتاء الخطاب . وقرأ أبو عمرو ويعقوب { يعقلون } بياء الغيبة على الالتفات عن خطابهم لتعجب المؤمنين من حالهم ، وقيل : لأنهم لما كانوا لا يعقلون نزلوا منزلة الغائب لبعدهم عن مقام الخطاب .