اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيۡءٖ فَمَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتُهَاۚ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (60)

قوله{[40619]} : { وَمَا{[40620]} أُوتِيتُم مِن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الحياة الدنيا } ، أي فهو متاع ، وقرئ فمتاعاً الحياة بنصب «مَتَاعاً »{[40621]} على المصدر ، أي : يتمتَّعون{[40622]} متاعاً ، «والحَيَاةَ » نصب على الظرف{[40623]} ، والمعنى : يتمتعون بها أيام حياتهم ثم هي إلى فناء وانقضاء{[40624]} { وَمَا عِندَ الله خَيْرٌ وأبقى } ، هذا{[40625]} جواب عن شبهتهم فإنهم إن قالوا تركنا{[40626]} الدِّين لئلا تفوتنا الدنيا ، فبيَّن تعالى أن ذلك خطأ عظيم ، لأن ما عند الله خيرٌ وأبقى ( أمَّا أنَّه خير ){[40627]} فلوجهين{[40628]} : الأول : أن المنافع هناك أعظم ، والثاني : أنها خالصة عن الشوائب ومنافع الدنيا مشوبة بالمضار ، بل المضار فيها أكثر ، وأما أنَّها{[40629]} أبقى ، فلأنها{[40630]} دائمة غير منقطعة ومتى قوبل المتناهي بغير المتناهي كان عدماً فظهر بذلك أن منافع الدنيا لا نسبة لها إلى منافع الآخرة ، فلا جرم نبه على ذلك فقال : «أَفَلاَ تَعْقِلُونَ » أن الباقي خيرٌ من الفاني يعني أن من لا يرجح الآخرة على منافع الدنيا كأنه يكون خارجاً عن حد العقل ، ورحم الله الشافعي حيث قال : من أوصى بثلث ماله لأعقل الناس صرف ذلك الثلث إلى المشتغلين بطاعة الله - تعالى - لأن أعقل الناس من أعطي القليل وأخذ الكثير وما هم إلا المشتغلين بالطاعة ، فكأنه رحمه الله إنما أخذه من هذه الآية{[40631]} . وقرأ أبو عمرو «أَفَلاَ يَعْقِلُونَ » بالياء من تحت التفاتاً ، والباقون بالخطاب{[40632]} جرياً{[40633]} على ما تقدم .


[40619]:في ب: قوله تعالى
[40620]:في الأصل: فما.
[40621]:المختصر (113)، البحر المحيط 7/127، غير معزوة إلى قارئ.
[40622]:في ب: يتمتعوا.
[40623]:انظر البحر المحيط 7/127.
[40624]:انظر البغوي 6/356.
[40625]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 25/7.
[40626]:في ب: إن تركنا.
[40627]:ما بين القوسين تكملة من الفخر الرازي.
[40628]:في النسختين من وجهين والتصويب من الفخر الرازي.
[40629]:في ب: لأنها. وهو تحريف.
[40630]:في ب: فإنها. وهو تحريف.
[40631]:آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي 25/7.
[40632]:السبعة (495) الكشف 2/175، النشر 2/342، الإتحاف 343.
[40633]:في الأصل: جواباً.