فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيۡءٖ فَمَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتُهَاۚ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (60)

{ وما أوتيتم } يا كفار مكة { من شيء } من الأشياء { فمتاع } أي فهو متاع { الحياة الدنيا } تتمتعون به مدة حياتكم ، أو بعض حياتكم ثم تزولون عنه ، أو يزول عنكم { وزينتها } تتزينون به أيام عيشكم ، ثم يفنى وعلى كل حال فذلك إلى فناء وانقضاء .

{ وما عند الله } من ثوابه وجزائه { خير } من ذلك الزائل الفاني لأنه لذة خالصة عن شوب الكدر { وأبقى } لأنه يدوم أبدال ، وذلك ينقضي بسرعة .

{ أفلا تعقلون } أن الباقي من الفاني وما فيه لذة خالصة غير مشوبة أفضل من اللذات المشوبة بالكدر ، المنغصة بعوارض البدن والقلب قيل من لم يرجح الآخرة على الدنيا فليس بعاقل ، قال الشافعي رحمه الله : من وصى بثلث ماله لأعقل الناس صرف إلى المشتغلين بطاعة الله ، وقرئ ؛ يعقلون بالياء ، والتاء على الخطاب وهي أرجح لقوله وما أوتيتم .

وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقول الله عز جل يا ابن آدم مرضت فلم تعدني الحديث بطوله " .

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عبد بن عبيدة بن عمير قال : يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا ، وأعطش ما كانوا ، وأعرى ما كانوا فمن أطعم الله عز وجل أطعمه الله ومن كسا لله عز وجل كساه الله ، ومن سقى لله عز وجل سقاه الله ومن كان في رضاء الله كان الله في رضاه .