غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيۡءٖ فَمَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتُهَاۚ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (60)

43

ثم أجاب عن شبهتهم بجواب ثالث وذلك أن حاصل شبهتهم أن قالا : تركنا الدين لأجل الدنيا . فبين تعالى بقوله : { وما أوتيتم من شيء } الآية . أن ذلك خطأ عظيم لأن ما عند الله خير وأبقى لأنه أكثر وأدوم . ونبه على جهلهم بقوله { أفلا تعقلون } ويرحم الله الشافعي حيث قال : إذا أوصى بثلث ماله لأعقل الناس صرف ذلك الثلث إلى المشتغلين بطاعة الله تعالى ، لأن أعقل الناس من أعطى القليل وأخذ الكثير . نظير الآية قوله صلى الله عليه وسلم " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت " قال البرهان : إنما السورة " وما أوتيتم " الواو وفي الشورى { فما أوتيتم } [ الآية : 36 ] بالفاء لأنه لم يتعلق بما قبله ههنا كثير تعلق ، وقد تعلق في الشورى بما قبلها أشد تعلق ، ولأنه عقب ما لهم من المخافة ما أوتوه من الأمنة والفاء حرف التعقيب والواو والمجرد العطف . وإنما زاد في هذه السورة { وزينتها } . لأن المراد ههنا جميع أعراض الدنيا من الضرورات ومن الزين ، فالمتاع مالا غنى عنه من المأكول والمشروب والملبوس والمسكن والمنكوح ، والزينة وغيرها كالثياب الفاخرة والمراكب الرائعة والدور المشيدة . وأما في " الشورى " فلم يقصد الاستيعاب بل ما هو مطلوبهم في تلك الحالة من النجاة والأمن في الحياة فلم يحتج إلى ذكر الزينة .

/خ70