تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيۡءٖ فَمَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتُهَاۚ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (60)

-{ وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون } .

تأتي هذه الآية كالرد على قول المشركين : { إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا . . } .

فبين الله فيما سبق أن الإيمان سبب للأمان المادي والنفسي ، وأن الكفر والطغيان سبب في الهلاك والعذاب ، وهنا يقول القرآن : إن كل ما يناله إنسان في هذه الدنيا من مال أو جاه أو سلطان ، هو متاع قليل من متاع الدنيا محدودة الأجل .

قال تعالى : { فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل } [ التوبة : 38 ]

وقال تعالى : { بل تؤثرون الحياة الدنيا* والآخرة خير وأبقى } [ الأعلى : 16 ، 17 ] .

{ وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون }

فالدنيا فانية والآخرة باقية ، ومتاع الدنيا قليل ، ومتاع الآخرة دائما لا يزول ، وما عند الله من ثواب وجنة ونعيم ورضوان أفضل وأبقى وأعز وأكرم ، فهلا استخدمتم عقولكم لتسارعوا إلى الإيمان فتنالوا عز الدنيا وشرف الآخرة .

وقد كثر حديث القرآن عن هذا المعنى فبين أن متاع الدنيا ظل زائل وعرض حائل ، وأن متاع الآخرة خلود في الجنة ، ومغفرة من الله ورضوان .

قال تعالى : { زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب*قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد*الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار*الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار } [ آل عمران : 1-17 ] .

ويقول الشاعر :

تالله لو عاش الفتى في دهره *** ألفا من الأعوام مالك أمره .

متنعما فيها بكل نفيسة *** متلذذا فيها بنعمى حصره

لا يعتريه السُّقم فيها مرة*** كلا ولا ترد الهموم بباله

ما كان هذا كله في أن يفى*** بمبيت أول ليلة في قبره

وقال عمر بن عبد العزيز للحسن البصري : يا تقي الدين عظنا وأوجز ، قال : يا أمير المؤمنين ، صم عن الدنيا وأفطر على الموت ، وأعدّ الزاد لليلة صبحها يوم القيامة .