المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ} (138)

138- وهذا المذكور من صفات المؤمنين وسنن الله في الماضين فيه بيان للناس وإرشاد لهم إلى طريق الخير ، وزجر عن طريق الشر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ} (138)

وحكمة الله التي يمتحن بها عباده ، ليبلوهم ويتبين صادقهم من كاذبهم ، ولهذا قال تعالى : { هذا بيان للناس } أي : دلالة ظاهرة ، تبين للناس الحق من الباطل ، وأهل السعادة من أهل الشقاوة ، وهو الإشارة إلى ما أوقع الله بالمكذبين .

{ وهدى وموعظة للمتقين } لأنهم هم المنتفعون بالآيات فتهديهم إلى سبيل الرشاد ، وتعظهم وتزجرهم عن طريق الغي ، وأما باقي الناس فهي بيان لهم ، تقوم [ به ] عليهم الحجة من الله ، ليهلك من هلك عن بينة .

ويحتمل أن الإشارة في قوله : { هذا بيان للناس } للقرآن العظيم ، والذكر الحكيم ، وأنه بيان للناس عموما ، وهدى وموعظة للمتقين خصوصا ، وكلا المعنيين حق .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ} (138)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ هََذَا بَيَانٌ لّلنّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لّلْمُتّقِينَ }

اختلف أهل التأويل في المعنى الذي أشير إليه بهذا ، فقال بعضهم : عَنَى بقوله هذا : القرآن . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن سنان ، قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، قال : ثنا : عباد ، عن الحسن في قوله : { هَذَا بَيانٌ للنّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ للْمُتّقِينَ } قال : هذا القرآن .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة . قوله : { هَذَا بَيانٌ للنّاسِ } وهو هذا القرآن جعله الله بيانا للناس عامة ، وهدى وموعظة للمتقين خصوصا .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قال في قوله : { هَذَا بَيانٌ للنّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ للْمُتّقِينَ } خاصة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن ابن جريج في قوله : { هَذَا بَيانٌ للنّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ للْمُتّقِينَ } خاصة .

وقال آخرون : إنما أشير بقوله هذا إلى قوله : { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأرْضِ فانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذّبِينَ } ثم قال : هذا الذي عرفتكم يا معشر أصحاب محمد بيان للناس . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق بذلك .

وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : قوله هذا إشارة إلى ما تقدّم هذه الاَية من تذكير الله جلّ ثناؤه المؤمنين ، وتعريفهم حدوده ، وحضهم على لزوم طاعته ، والصبر على جهاد أعدائه وأعدائهم ، لأن قوله هذا إشارة إلى حاضر ، إما مرئي ، وإما مسموع ، وهو في هذا الموضع إلى حاضر مسموع من الاَيات المتقدمة . فمعنى الكلام : هذا الذي أوضحت لكم وعرّفتكموه ، بيان للناس¹ يعني بالبيان : الشرح والتفسير . كما

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { هَذَا بَيانٌ للنّاسِ } أي هذا تفسير للناس إن قبلوه .

حدثنا أحمد بن حازم والمثنى ، قالا : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن بيان ، عن الشعبي : { هَذَا بَيانٌ للنّاسِ } قال : من العَمَى .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن الشعبي ، مثله .

وأما قوله : { وهُدًى وَمَوْعِظَةٌ } فإنه يعني بالهدى : الدلالة على سبيل الحقّ ومنهج الدين ، وبالموعظة : التذكرة للصواب والرشاد . كما :

حدثنا أحمد بن حازم والمثنى ، قالا : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن بيان ، عن الشعبي : { وَهُدًى } قال : من الضلالة ، { وَمَوْعِظَةٌ } من الجهل .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن بيان ، عن الشعبي مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { للْمُتّقِينَ } : أي لمن أطاعني وعرف أمري .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ} (138)

تذييل يعمّ المخاطبين الحاضرين ومن يجيء بعدهم من الأجيال ، والإشارة إمَّا إلى ما تقدّم بتأويل المذكور ، وإمَّا إلى حاضر في الذهن عند تلاوة الآية وهو القُرآن .

والبيانُ : الإيضاح وكشف الحقائق الواقعة . والهدى : الإرشاد إلى ما فيه خير النَّاس في الحال والاستقبال . والموعظة : التحذير والتخويف . فإن جعلت الإشارة إلى مضمون قوله : { قد خلت من قبلكم سنن } [ آل عمران : 137 ] الآية فإنَّها بيان لما غفلوا عنه من عدم التَّلازم بين النَّصر وحسن العاقبة ، ولا بين الهزيمة وسوء العاقبة ، وهي هدى لهم لينتزعوا المسببات من أسبابها ، فإن سبب النجاح حقاً هو الصلاح والاستقامة ، وهي موعظة لهم ليحذروا الفساد ولا يغترّوا كما اغترّت عاد إذ قالوا : « مَنْ أشَدّ مِنَّا قوّة » .