المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحۡتُ لَكُمۡ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (79)

79- وقبل أن تنزل بهم النازلة أعرض عنهم أخوهم صالح ، وقال : يا قوم قد أبلغتكم أوامر ربى ونواهيه ، ومحضت لكم النصح ، ولكنكم بلجاجتكم وإصراركم صرتم لا تحبون من ينصحكم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحۡتُ لَكُمۡ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (79)

{ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ } صالح عليه السلام حين أحل اللّه بهم العذاب ، { وَقَالَ } مخاطبا لهم توبيخا وعتابا بعدما أهلكهم اللّه : { يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ } أي : جميع ما أرسلني اللّه به إليكم ، قد أبلغتكم به وحرصت على هدايتكم ، واجتهدت في سلوككم الصراط المستقيم والدين القويم . { وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ } بل رددتم قول النصحاء ، وأطعتم كل شيطان رجيم .

واعلم أن كثيرا من المفسرين يذكرون في هذه القصة أن الناقة قد خرجت من صخرة صماء ملساء اقترحوها على صالح وأنها تمخضت تمخض الحامل فخرجت الناقة وهم ينظرون وأن لها فصيلا حين عقروها رغى ثلاث رغيات وانفلق له الجبل ودخل فيه وأن صالحا عليه السلام قال لهم : آية نزول العذاب بكم ، أن تصبحوا في اليوم الأول من الأيام الثلاثة ووجوهكم مصفرة ، واليوم الثاني : محمرة ، والثالث : مسودة ، فكان كما قال .

وكل هذا من الإسرائيليات التي لا ينبغي نقلها في تفسير كتاب اللّه ، وليس في القرآن ما يدل على شيء منها بوجه من الوجوه ، بل لو كانت صحيحة لذكرها اللّه تعالى ، لأن فيها من العجائب والعبر والآيات ما لا يهمله تعالى ويدع ذكره ، حتى يأتي من طريق من لا يوثق بنقله ، بل القرآن يكذب بعض هذه المذكورات ، فإن صالحا قال لهم : { تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ } أي : تنعموا وتلذذوا بهذا الوقت القصير جدا ، فإنه ليس لكم من المتاع واللذة سوى هذا ، وأي لذة وتمتع لمن وعدهم نبيهم وقوع العذاب ، وذكر لهم وقوع مقدماته ، فوقعت يوما فيوما ، على وجه يعمهم ويشملهم [ احمرار وجوههم ، واصفرارها واسودادها من العذاب ]{[316]} .

هل هذا إلا مناقض للقرآن ، ومضاد له ؟ " . فالقرآن فيه الكفاية والهداية عن ما سواه .

نعم لو صح شيء عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مما لا يناقض كتاب اللّه ، فعلى الرأس والعين ، وهو مما أمر القرآن باتباعه { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } وقد تقدم أنه لا يجوز تفسير كتاب اللّه بالأخبار الإسرائيلية ، ولو على تجويز الرواية عنهم بالأمور التي لا يجزم بكذبها ، فإن معاني كتاب اللّه يقينية ، وتلك أمور لا تصدق ولا تكذب ، فلا يمكن اتفاقهما .


[316]:- زيادة من هامش ب.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحۡتُ لَكُمۡ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (79)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَتَوَلّىَ عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاّ تُحِبّونَ النّاصِحِينَ } .

يقول تعالى ذكره : فأدبر صالح عنهم حين استعجلوه العذاب وعقروا ناقة الله خارجا عن أرضهم من بين أظهرهم لأن الله تعالى ذكره أوحى إليه : إني مهلكهم بعد ثلاثة . وقيل : إنه لم تهلك أمة ونبيها بين أظهرها ، فأخبر الله جلّ ثناؤه عن خروج صالح من بين قومه الذين عتوا على ربهم حين أراد الله إحلال عقوبته بهم ، فقال : فتولّى عنهم صالح ، وقال لقومه ثمود : لقد أبلغتكم رسالة ربي ، وأدّيت إليكم ما أمرني بأدائه إليكم ربي من أمره ونهيه ، ونصحت لكم في أدائي رسالة الله إليكم في تحذيركم بأسه بإقامتكم على كفركم به وعبادتكم الأوثان ، وَلَكِنْ لا تُحِبّونَ النّاصحِينَ لكم في الله الناهين لكم عن اتباع أهوائكم الصادّين لكم عن شهوات أنفسكم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحۡتُ لَكُمۡ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (79)

{ فتولّى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين } ظاهره أن توليه عنهم كان بعد أن أبصرهم جاثمين ، ولعله خاطبهم به بعد هلاكهم كما خاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل قليب بدر وقال : " إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا " . أو ذكر ذلك على سبيل التحسر عليهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحۡتُ لَكُمۡ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (79)

وأخبر الله عز وجل بفعل «صالح » في توليه عنهم وقت «عقرهم » الناقة وقولهم { ائتنا بما تعدنا } وذلك قبل نزول العذاب وكذلك روي أنه عليه السلام خرج من بين أظهرهم قبل نزول العذاب وهو الذي تقتضيه مخاطبته لهم ، وأما لفظ الآية فيحتمل أن خاطبهم وهم موتى على جهة التفجع عليهم وذكر حالهم أو غير ذلك كما خاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل قليب بدر ، قال الطبري : وقيل لم تهلك أمة ونبيها معها ، وروي أنه ارتحل بمن معه حتى جاء مكة فأقام بها حتى مات ، ولفظة التولي تقتضي اليأس من خيرهم واليقين في إهلاكهم . وقوله : { لا تحبون الناصحين } عبارة عن تغليبهم الشهوات على الرأي ، إذ كلام الناصح صعب مضاد لشهوة نفس الذي ينصح ، ولذلك تقول العرب أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك .