الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحۡتُ لَكُمۡ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (79)

قوله : { فَتَوَلَّى عَنْهُمْ }[ الأعراف :79 ] .

أي : تولَّى عنهم وقت عَقْر الناقة ، وذلك قبل نزول العذاب ، وكذلك رُوِيَ أنه عليه السلام خَرَجَ مِنْ بين أظهرهم قبل نزول العذاب ، وهو الذي تقتضيه مخاطبته لهم ، ويحتمل أن يكون خطابُهُ لهم وهُمْ موتى ، على جهة التفجُّع عليهم ، وذكر حالهم أو غير ذلك ، كما خاطب النبيُّ صلى الله عليه وسلم أهْل قليب بَدْر ، قال الطبريُّ : وقيل : إنه لم تَهْلِكْ أُمَّة ، ونبيُّها معها ، ورُوِيَ أنه ارتحلَ بمَنْ معه حتَّى جاء مكَّة ، فأقام بها حتى مات ، ولفظ التولِّي يقتضي اليأْس مِنْ خَيْرهم ، واليقينَ في إِهلاكهم ، وقوله : { ولكن لاَّ تُحِبُّونَ الناصحين } : عبارةٌ عن تغليبهم الشهواتَ عَلَى الرأْي السديد ، إذ كلامُ الناصح صَعْبٌ مُضادٌّ لشهوة الذي يُنصحُ ، ولذلك تقول العرب : أمْرُ مُبْكِيَاتِكَ لاَ أَمْرُ مُضْحِكَاتِكَ .