فكان يحزن حزنا شديدا ، على عدم إيمانهم ، حرصا منه على الخير ، ونصحا لهم .
فلهذا قال تعالى عنه : { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ } أي : مهلكها وشاق عليها ، { أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } أي : فلا تفعل ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ، فإن الهداية بيد الله ، وقد أديت ما عليك من التبليغ .
وليس فوق هذا القرآن المبين آية ، حتى ننزلها ، ليؤمنوا [ بها ] ، فإنه كاف شاف ، لمن يريد الهداية . ولهذا قال : { إِنْ نَشَأْ نُنزلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً } .
وقوله : لَعَلّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أنْ لا يكُونُوا مُؤْمِنِينَ يقول تعالى ذكره : لعلك يا محمد قاتل نفسك ومهلكها إن لم يؤمن قومك بك ، ويصدقوك على ما جئتهم به . والبخْع : هو القتل والإهلاك في كلام العرب ومنه قول ذي الرّمة :
ألا أيّهَذَا الباخعُ الْوَجْدُ نَفْسَهُ *** لشَيْءٍ نَحَتْهُ عَنْ يَدَيْهِ المَقادِرُ
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عباس : باخِعٌ نَفْسَك : قاتل نفسك .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، في قوله لَعَلّكَ باخعٌ نَفْسَكَ أنْ لا يكُونُوا مُؤْمِنِينَ قال : لعلك من الحرص على إيمانهم مخرج نفسك من جسدك ، قال : ذلك البخع .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله لَعَلّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عليهم حرصا ، وأنْ من قوله : أنْ لا يَكُونُوا مُؤْمِنينَ في موضع نصب بباخع ، كما يقال : زرت عبد الله أن زارني ، وهو جزاء ولو كان الفعل الذي بعد أنْ مستقبلاً لكان وجه الكلام في «أن » الكسر كما يقال أزور عبد الله إن يزورني .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.