المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (11)

11- هذه التجارة هي أن تثبتوا على الإيمان بالله ورسوله ، وتُجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلك الذي أرشدكم إليه خير لكم إن كنتم تعلمون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (11)

وأتى بأداة العرض الدالة على أن هذا أمر يرغب فيه كل متبصر ، ويسمو إليه كل لبيب ، فكأنه قيل : ما هذه التجارة التي هذا قدرها ؟ فقال { تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } .

ومن المعلوم أن الإيمان التام هو التصديق الجازم بما أمر الله بالتصديق به ، المستلزم لأعمال الجوارح ، ومن أجل أعمال الجوارح الجهاد في سبيل الله{[1081]}  فلهذا قال : { وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ } بأن تبذلوا نفوسكم ومهجكم ، لمصادمة أعداء الإسلام ، والقصد نصر دين الله وإعلاء كلمته ، وتنفقون ما تيسر من أموالكم في ذلك المطلوب ، فإن ذلك ، ولو{[1082]}  كان كريها للنفوس شاقا عليها ، فإنه { خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } فإن فيه الخير الدنيوي ، من النصر على الأعداء ، والعز المنافي للذل والرزق الواسع ، وسعة الصدر وانشراحه . وفي الآخرة الفوز{[1083]}  بثواب الله والنجاة من عقابه ، ولهذا ذكر الجزاء في الآخرة ، فقال :


[1081]:- في ب: التي من أجلها الجهاد في سبيله.
[1082]:- في ب: وإن كان.
[1083]:- في ب: والخير الأخروي بالفوز.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (11)

فقوله - سبحانه - : { تُؤْمِنُونَ بالله وَرَسُولِهِ } استئناف مفسر وموضح لقوله { هَلْ أَدُلُّكمْ } ؟ فكأن سائلا قال : وما هذه التجارة ؟ دلنا عليها ، فكان الجواب : تؤمنون بالله ورسوله .

أى : تداومون تامة على الإيمان بالله - تعالى - وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - وتجاهدون فى سبيل إعلاء كلم الله ونصرة دينه بأموالكم وأنفسكم .

قالوا : وقوله { تُؤْمِنُونَ } خبر فى معنى الأمر ، ويدل عليه قراءة ابن مسعود : آمنوا بالله رسوله ، وجاهدوا فى سبيله .

وفائدة العدول إلى الخبر : الإشعار بأنهم قد امتثلوا لما أرشدوا إليه ، فكأنه - سبحانه - يخبر عن هذا الامتثال الموجود عندهم .

وجاء التعبير بقوله : { هَلْ أَدُلُّكمْ } لإفادة أن ما يذكر بعد ذلك من الأشياء التى تحتاج إلى من يهدى إليها ، لأنها أمور مرد تحديدها إلى الله - تعالى - .

وتنكير لفظ التجارة ، للتهويل والتعظيم ، أى : هل أدلكم على تجارة عظيمة الشأن . . ؟

وأطلقت التجارة هنا على الإيمان والعمل الصالح ، لأنهما يتلاقيان ويتشابهان فى أن كليهما المقصود من ورائه الربح العظيم ، والسعى من أجل الحصول على المنافع .

وقدم - سبحانه - هنا الجهاد بالأموال على الجهاد بالأنفس ، لأن المقام قمام تفسير وتوضيح لمعنى التجارة الرابحة عن طريق الجهاد فى سبيل الله ، ومن المعلوم أن التجارة تقوم على تبادل الأموال ، وهذه الأموال هى عصب الجهاد ، فعن طريقها تشترى الأسلحة والمعدات التى لا غنى للمجاهدين عنها ، وفى الحديث الشريف " من جهز غازيا فقد غزا " .

وقدم - سبحانه - فى قوله : { إِنَّ الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ . . } وقدم الأنفس على الأموال ، لأن الحديث هناك ، كان فى معرض الاستبدال والعرض والطلب ، والأخذ والعطاء . . . فقدم - سبحانه - الأنفس لأنها أعز ما يملكه الإنسان ، وجعل فى مقابلها الجنة لأنها أعز ما يوهب ، وأسمى ما تتطلع إلى نيله النفوس .

واسم الإشارة فى قوله : { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } يعود إلى ما سبق ذكره من الإيمان والجهاد . أى : ذلكم الذى أرشدناكم إلى التمسك به من الإيمان والجهاد فى سبيل الله ، هو خير لكم من كل شىء إن كنتم من أهل العلم والفهم .

فقوله { تَعْلَمُونَ } منزلة منزلة الفعل اللازم ، للإشعار بأن من يخالف ذلك لا يكون لا من أهل العلم ، ولا من أهل الإدراك .

وجعله بعضهم فعلا متعديا ، ومفعوله محذوف ، والتقدير : إن كنتم تعلمون أنه خير لكم فافعلوه ، ولا تتقاعسوا عن ذلك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (11)

وقوله تعالى : { تؤمنون } لفظه الخبر ومعناه الأمر أي آمنوا ، وفي مصحف عبد الله بن مسعود : «أليم آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا » ، وقوله :{ تؤمنون } فعل مرفوع تقديره ذلك أنه تؤمنون{[11080]} ، وقال الأخفش : هو عطف بيان على { تجارة } ، قال المبرد : هو بمعنى آمنوا على الأمر ولذلك جاء { يغفر } مجزوماً ، وقوله تعالى : { ذلكم } أشار إلى الجهاد والإيمان ، و { خير } هنا يحتمل أن يكون للتفضيل ، فالمعنى من كل عمل ، ويحتمل أن يكون إخباراً ، أن هذا خير في ذاته ونفسه .


[11080]:علق أبو حيان الأندلسي على كلام ابن عطية هذا بعد أن نقله بقوله: "وهذا ليس بشيء لأن فيه حذف المبتدأ وحذف"أنه" وإبقاء الخبر، وهذا لا يجوز". البحر المحيط (8-263).