إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (11)

وقولُهُ تعالَى : { تُؤْمِنُونَ بالله وَرَسُولِهِ وتجاهدون فِي سَبِيلِ الله بأموالكم وَأَنفُسِكُمْ } استئنافٌ وقعَ جواباً عما نشأَ مما قبله كأنَّهم قالوا كيفَ نعملُ أو ماذَا نصنعُ فقيلَ تؤمنونَ بالله الخ . وهو خبرٌ في مَعْنى الأمرِ جيءَ بهِ للإيذانِ بوجوبِ الامتثالِ فكأنه قد وقعَ فأخبرَ بوقوعِهِ ويؤيدُهُ قراءةُ من قرأ { آمِنُوا بالله وَرَسُولِهِ وجاهدوا } وقُرِئَ تُؤمِنُوا وتُجاهِدُوا على إضمارِ لامِ الأمرِ { ذلكم } إشارةٌ إلى ما ذكرَ من الإيمانِ والجهادِ بقسميه وما فيه من معنى البعدِ لما مرَّ غيرَ مرةٍ { خَيْرٌ لكُمْ } على الإطلاقِ ، أو منْ أموالِكُم وأنفسِكُم { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي أنْ كنتُم من أهلِ العلمِ فإنَّ الجهلةَ لا يعتدُّ بأفعالِهِم ، أو إنْ كنتُم تعلمونَ أنَّه خيرٌ لكُم حينئذٍ لأنكُم إذَا علمتُم ذلكَ واعتقدتُموه أحببتُم الإيمانَ والجهادَ فوقَ ما تحبونَ أنفسَكُم وأموالَكُم فتُخلِصونَ وتفلحُونَ .