و { تُؤْمِنُونَ } استئناف ، كأنهم قالوا : كيف : نعمل ؟ فقال : تؤمنون ، وهو خبر في معنى الأمر ؛ ولهذا أجيب بقوله : { يغفر لكم } وتدل عليه قراءة ابن مسعود : آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا .
فإن قلت : لم جيء به على لفظ الخبر ؟ قلت : للإيذان بوجوب الامتثال ، وكأنه امتثل فهو يخبر عن إيمان وجهاد موجودين . ونظيره قول الداعي : غفر الله لك ، ويغفر الله لك : جعلت المغفرة لقوّة الرجاء ، كأنها كانت ووجدت ، فإن قلت : هل لقول الفراء أنه جواب { هَلْ أَدُلُّكُمْ } وجه ؟ قلت : وجهه أن متعلق الدلالة هو التجارة ، والتجارة مفسرة بالإيمان والجهاد ؛ فكأنه قيل : هل تتجرون بالإيمان والجهاد يغفر لكم ؟ ، فإن قلت : فما وجه قراءة زيد بن علي رضي الله عنهما : ( تؤمنوا . . . وتجاهدوا ) ؟ قلت : وجهها أن تكون على إضمار لام الأمر ، كقوله :
مُحَمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ *** إذَا مَا خفت مِنْ أَمْرٍ تَبَالاَ
وعن ابن عباس أنهم قالوا : لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لعملناه ، فنزلت هذه الآية ، فمكثوا ما شاء الله يقولون : ليتنا نعلم ما هي ، فدلهم الله عليها بقوله : { تُؤْمِنُونَ } وهذا دليل على أن { تُؤْمِنُونَ } كلام مستأنف ، وعلى أنّ الأمر الوارد على النفوس بعد تشوّف وتطلع منها إليه : أوقع فيها وأقرب من قبولها له مما فوجئت به { ذَلِكُمْ } يعني ما ذكر من الإيمان والجهاد { خَيْرٌ لَّكُمْ } من أموالكم وأنفسكم . فإن قلت : ما معنى قوله : { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ؟ قلت : معناه إن كنتم تعلمون أنه خير لكم كان خيراً لكم حينئذٍ ؛ لأنكم إذا علمتم ذلك واعتقدتموه أحببتم الإيمان والجهاد فوق ما تحبون أنفسكم وأموالكم ، فتخلصون وتفلحون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.