فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (11)

ثم بين سبحانه هذه التجارة التي دل عليها فقال :{ تؤمنون بالله ورسوله } أي تدومون على الإيمان لأن الخطاب مع المؤمنين ، وتؤمنون خبر بمعنى الأمر للإيذان بوجوب الامتثال ، فكأنه قد وقع ، فأخبر بوقوعه ، وقرأ ابن مسعود آمنوا وجاهدوا على الأمر ، وقرئ تؤمنوا وتجاهدوا على إضمار لام الأمر ، قال الأخفش تؤمنون عطف بيان لتجارة ، والأولى أن تكون الجملة مستأنفة مبينة لما قبلها .

{ وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم } قدم ذكر الأموال على الأنفس لأنها هي التي يبدأ بها في الإنفاق والتجهيز إلى الجهاد ، أو لعزتها في ذلك الوقت ، أو لأنها قوام النفس ، وهذا بمنزلة الثمن الذي يدفعه المشتري { ذلكم } أي ما ذكر من الإيمان والجهاد ، { خير لكم } أي هذا الفعل خير لكم من أموالكم وأنفسكم ، أو من كل شيء ، { إن كنتم تعلمون } أي إن كنتم ممن يعلم ، فإنكم تعلمون أنه خير لكم إلا إذا كنتم من أهل الجهل فإنكم لا تعلمون ذلك .