السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (11)

ثم بين سبحانه تلك التجارة بقوله تعالى : { تؤمنون } أي : تدومون على الإيمان { بالله } أي : الذي له جميع صفات الكمال ، وعلى هذا فلا ينافي ذلك قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا } وقيل : المراد من هذه الآية المنافقون وهم الذين آمنوا في الظاهر ، وقيل : أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى فإنهم آمنوا بالكتب المتقدمة { ورسوله } الذي تصديقه آية الإذعان للعبودية { وتجاهدون } بياناً لصحة إيمانكم على سبيل التجديد والاستمرار { في سبيل الله } أي : الملك الأعظم الذي لا أمر لغيره { بأموالكم وأنفسكم } وقدم الأموال لعزتها في ذلك الزمان ، ولأنها قوام الأنفس فمن بذل ماله كله لم يبخل بنفسه ، لأن المال قوامها . وقال القرطبي : ذكر الأموال أولاً لأنها التي يبدأ بها في الإنفاق ، { ذلكم } أي : الأمر العظيم من الإيمان وتصديقه بالجهاد { خير لكم } أي : من أموالكم وأنفسكم { إن كنتم تعلمون } أي : إن كان يمكن أن يتجدد لكم علم في وقت فأنتم تعلمون أن ذلك خير لكم ، فإذا علمتم أنه خير أقبلتم عليه فكان لكم به أمر عظيم ، وإن كانت قلوبكم قد طمست طمساً لا رجاء لصلاحه فصلوا على أنفسكم صلاة الموت .