ولما كان هذا من أمثال السوء ، التي نسبها إليه أعداؤه المشركون ، قال تعالى : { لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ } ، أي : المثل الناقص والعيب التام ، { وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى } ، وهو : كل صفة كمال ، وكل كمال في الوجود ، فالله أحق به ، من غير أن يستلزم ذلك نقصا بوجه ، وله المثل الأعلى في قلوب أوليائه ، وهو التعظيم والإجلال والمحبة والإنابة والمعرفة . { وَهُوَ الْعَزِيزُ } ، الذي قهر جميع الأشياء ، وانقادت له المخلوقات بأسرها ، { الْحَكِيمُ } ، الذي يضع الأشياء مواضعها ، فلا يأمر ولا يفعل ، إلا ما يحمد عليه ، ويثنى على كماله فيه .
ثم أتبع - سبحانه -هذا الذم لهم ، بذم آخر على سبيل التأكيد فقال - تعالى - : { لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة مَثَلُ السوء وَلِلَّهِ المثل الأعلى وَهُوَ العزيز الحكيم } .
والمثل : الحال ، والصفة العجيبة في الحسن والقبح .
والسوء : مصدر ساءه يسوءه سوءا ، إذا عمل معه ما يكره ، وإضافة المثل إلى السوء ، للبيان .
والمراد بمثل السوء : أفعال المشركين القبيحة ، التي سبق الحديث عنها .
والمعنى : للذين لا يؤمنون بالآخرة ، وما فيها من حساب وثواب وعقاب . . صفة السوء ، التي هي كالمثل في القبح ، وهي وأدهم البنات ، وجعلهم لآلهتهم . نصيبا مما رزقناهم ، وقولهم : الملائكة بنات الله ، وفرحهم بولادة الذكور للاستظهار بهم .
فهذه الصفات تدل على غبائهم ، وجهلهم ، وقبح تفكيرهم .
أما الله - عز وجل - فله المثل الأعلى : أي : الصفة العليا ، وهي : أنه الواحد الأحد ، المنزه عن الوالد والولد ، والمبرأ من مشابهة الحوادث ، والمستحق لكل صفات الكمال والجلال في الوحدانية ، والقدرة والعلم .
قالت فرقة : { مثل } ، في هذه الآية بمعنى صفة ، أي : لهؤلاء صفة السوء ، ولله الوصف الأعلى .
قال القاضي أبو محمد : وهذا لا يضطر إليه ، لأنه خروج عن اللفظ ، بل قوله : { مثل } ، على بابه ، وذلك أنهم إذا قالوا : إن البنات لله ؛ فقد جعلوا له مثلاً أبا البنات من البشر ، وكثرة البنات عندهم مكروه ذميم ، فهو مثل السوء الذي أخبر الله تعالى أنه لهم ، ليس في البنات فقط ، لكن لما جعلوه هم في البنات ، جعله هو لهم على الإطلاق في كل سوء ، ولا غاية أبعد من عذاب النار ، وقوله : { ولله المثل الأعلى } ، على الإطلاق أيضاً في الكمال المستغني ، وقال قتادة : { المثل الأعلى } ، لا إله إلا الله ، وباقي الآية بين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.