إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لِلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوۡءِۖ وَلِلَّهِ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (60)

{ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة } ، ممن ذكرت قبائحُهم . { مَثَلُ السوء } ، صفةُ السَّوْء ، الذي هو كالمثَل في القبح ، وهي الحاجةُ إلى الولد ليقوم مقامَه عند موتهم ، وإيثارُ الذكور ؛ للاستظهار بهم ، ووأدُ البنات لدفع العار ، وخشيةُ الإملاق ، المنادي كلَّ ذلك بالعجز والقصورِ والشحِّ البالغ ، ووضعُ الموصول موضعَ الضمير للإشعار بأن مدارَ اتصافِهم بتلك القبائح هو الكفرُ بالآخرة . { وَللَّهِ } سبحانه وتعالى { المثل الأعلى } ، أي الصفةُ العجيبةُ الشأنِ ، التي هي مثلٌ في العلو مطلقاً ، وهو الوجوبُ الذاتيُّ ، والغِنى المطلقُ ، والجودُ الواسعُ ، والنزاهةُ عن صفات المخلوقين ، ويدخل فيه علوُّه تعالى عما قالوه علواً كبيراً . { وَهُوَ العزيز } ، المنفردُ بكمال القدرة لاسيما على مؤاخذتهم بذنوبهم ، { الحكيم } الذي يفعل كلَّ ما يفعل بمقتضى الحكمةِ البالغةِ ، وهذا أيضاً من جملة صفاتِه العجيبة تعالى .