غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لِلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوۡءِۖ وَلِلَّهِ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (60)

43

{ ألا ساء ما يحكمون للذين لا يؤمنون بالآخرة } ، ولهذا يقدمون على القتل والإيذاء . { مثل السوء } ، وصفة السوء ، وهي الحاجة إلى الأولاد الذكور ، وكراهة الإناث ، ووأدهن خشية الإملاق والتزام الشح البالغ . { ولله المثل الأعلى } ، وهو أضداد صفات المخلوقين ، من الغنى الكامل ، والجود الشامل . { وهو العزيز } ، الذي لا يغالب ، فلا يستضر بأن ينسب إليه ما لا يليق به . { الحكيم } في خلق الذكور والإناث ، أو في الوعيد على قتل البنات . قال القاضي : إن هؤلاء المشركين استحقوا الذم بإضافة البنات إلى الله ، وإنه أسهل من إضافة الفواحش والقبائح كلها إليه ، وهذا شأن المجبرة . وأجابت الأشاعرة بأنه ليس كل ما قبح منافي العرف ، فإنه يقبح من الله . ألا ترى أن رجلاً لو زين إماءه وعبيده ، وبالغ في تحسين صورهن وتقوية الشهوة فيهم وفيهن ، ثم جمع بين الكل ، وأزال الحائل والمانع ، فإن هذا بالاتفاق حسن من الله تعالى ، وقبيح من كل الخلق ، فعلمنا أن التعويل على هذه الوجوه المبنية على العرف ، إنما يحسن إذا كانت مسبوقة بالدلائل القطعية اليقينية ، وقد ثبت بالبراهين القطعية امتناع الولد على الله تعالى ، فعلى جرم حسنت تقويتها بهذه الوجوه الإقناعية . أما أفعال العباد ، فقد ثبت بالدلائل اليقينية أن خالقها هو الله تعالى ، فكيف يمكن إلحاق إحدى الصورتين بالأخرى ، والله أعلم .

/خ60