اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لِلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوۡءِۖ وَلِلَّهِ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (60)

ثم قال : { لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة مَثَلُ السوء } ، والمثلُ السُّوءِ : عبارة عن الصِّفةِ السوء ، وهي احتياجهم إلى الولدِ ، وكراهيتهم الإناث خوفاً من الفقر والعار . { وَلِلَّهِ المثل الأعلى } ، أي : الصِّفة العالية المقدسة ، وهي كونه تعالى منزّهاً عن الولد . قال ابن عباس - رضي الله عنه- : مثل السُّوءِ : النَّار ، والمثل الأعلى : شهادة أن لا إله إلا الله . { وَهُوَ العزيز الحكيم }{[19909]} .

فإن قيل : كيف جاء ، { وَلِلَّهِ المثل الأعلى } ، مع قوله تعالى : { فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الأمثال } [ النحل : 74 ] . فالجواب : أنَّ المثل الذي يضربهُ الله حقٌّ وصدقٌ ، والذي يذكره غيره باطل .

قال القرطبي{[19910]} في الجواب : " إن قوله تعالى : { فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الأمثال } ، أي : الأمثال التي توجب الأشباه ، والنَّقائص ، أي : لا تضربوا لله مثلاً يقتضي نقصاً وتشبهاً بالخلق ، والمثل الأعلى : وصفه بما لا شبيه له ولا نظير " .


[19909]:ذكره البغوي في "تفسيره" (3/73).
[19910]:ينظر: الجامع لأحكام القرآن 10/79.