{ 22 - 24 } { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ * ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ * انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ }
يخبر تعالى عن مآل أهل الشرك يوم القيامة ، وأنهم يسألون ويوبخون فيقال لهم { أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ } أي إن الله ليس له شريك ، وإنما ذلك على وجه الزعم منهم والافتراء .
ثم بين - سبحانه - بعض أحوالهم عندما يحشرون يوم القيامة ، فقال - تعالى - : { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ . . . } .
الحشر : الجمع ، والمراد به جمعهم يوم القيامة لحسابهم على أعمالهم الدنيوية .
والمعنى : واذكر لهم أيها الرسول الكريم - ليعتبروا ويتعظوا - حالهم يوم نجمعهم جميعاً فى الآخرة لنحاسبهم على أقوالهم وأفعالهم ، ثم نسالهم سؤال إفضاح لا إيضاح - كما يقول القرطبى - : أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون أنهم شفعاء لكى يدافعوا عنكم فى هذا اليوم العصيب .
و { يَوْمَ } منصوب على الظرفية بفعل مضمر بعده أى : ويوم نحشرهم كان كذا وكذا ، وحذف هذا الفعل من الكلام ليبقى على الإبهام الذى هو أدخل فى التخويف والتهويل ، وقيل إنه منصوب على أنه مفعول به بفعل محذوف قبله والتقدير ، واذكر يوم نحشرهم ، أى : اذكر هذا اليوم من حيث ما يقع فيه ، والضمير فى { نَحْشُرُهُمْ } للذين افتروا على الله كذبا ، أو كذبوا بآياته .
وفائدة كلمة { جَمِيعاً } رفع احتمال التخصيص ، أى : أن جميع المشركين ومعبوداتهم سيحشرون أمام الله للحساب .
وكان العطف بثم لتعدد الوقائع قبل هذا الخطاب الموجه للمشركين ، إذ قبل ذلك سيكون قيامهم من قبورهم ، ويكون هول الموقف ، ويكون إحصاء الأعمار وقراءة كل امرىء لكتابه . . . الخ ، ثم يقول الله - تعالى - { لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } ؟
ووبخهم - سبحانه - بقوله : { أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ } مع أنهم محشورون معهم ، لأنهم لا نفع يرجى من وجودهم معهم ، فلما كانوا كذلك نزلوا منزلة الغائب كما تقول لمن جعل أحداً ظهيراً يعينه فى الشدائد إذا لم يعنه كوقد وقع فى ورطة بحضرته أين فلان ؟ فتجعله لعدم نفعه - وإن كان حاضراً - كالغائب .
يقول تعالى مخبرًا عن المشركين : { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا } يوم القيامة فيسألهم عن الأصنام والأنداد التي كانوا يعبدونها من دونه قائلا [ لهم ]{[10609]} { أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ } كما قال تعالى في سورة القصص : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ } [ الآية : 62 ] .
قالت فرقة : { لا يفلح الظالمون } [ الأنعام : 21 ] كلام تام معناه لا يفلحون جملة ، ثم استأنف فقال : واذكر يوم نحشرهم ، وقال الطبري المعنى لا يفلح الظالمون اليوم في الدنيا { ويوم نحشرهم } عطفاً على الظرف المقدر والكلام متصل ، وقرأت طائفة «نحشرهم » و «نقول » بالنون ، وقرأ حميد ويعقوب فيهما بالياء ، وقرأ عاصم هنا وفي يونس قبل الثلاثين{[4862]} «نحشرهم ونقول » بالنون ، وقرأ في باقي القرآن بالياء ، وقرأ أبو هريرة «نحشِرهم » بكسر الشين فيجيء الفعل على هذا حشر يحشر ويحشر ، واضاف الشركاء إليهم لأنه لا شركة لهم في الحقيقة بين الأصنام وبين شيء ، وإنما وقع عليها اسم الشريك بمجرد تسمية الكفرة فأضيفت إليهم لهذه النسبة و { تزعمون } معناه تدعون أنهم لله ، والزعم القول الأميل إلى الباطل والكذب في أكثر كلامهم ، وقد يقال زعم بمعنى ذكر دون ميل إلى الكذب ، وعلى هذا الحد يقول سيبويه زعم الخليل ، ولكن ذلك إنما يستعمل في الشيء الغريب الذي تبقى عهدته على قائله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.