{ 34-36 } { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا }
أي : فقال صاحب الجنتين لصاحبه المؤمن ، وهما يتحاوران ، أي : يتراجعان بينهما في بعض الماجريات المعتادة ، مفتخرا عليه : { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا } فخر بكثرة ماله ، وعزة أنصاره من عبيد ، وخدم ، وأقارب ، وهذا جهل منه ، وإلا فأي : افتخار بأمر خارجي ليس فيه فضيلة نفسية ، ولا صفة معنوية ، وإنما هو بمنزله فخر الصبي بالأماني ، التي لا حقائق تحتها ،
ثم بين - سبحانه - أن صاحب هاتين الجنتين كانت له أموال أخرى غيرهما فقال : { وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ } .
قال الآلوسى ما ملخصه : " { وكان له } أى : للأحد المذكور وهو صاحب الجنتين { ثمر } أى أنواع من المال . . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائى . . { ثُمُر } بضم الثاء والميم ، وهو جمع ثمار - بكسر الثاء - . . أى : أموال كثيرة من الذهب والفضة والحيوان وغير ذلك ، وبذلك فسره ابن عباس وقتادة وغيرهما
وقوله - سبحانه - : { قَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً } حكاية لما تفوه به هذا الكافر من ألفاظ تدل على غروره وبطره .
والمحاورة : المراجعة للكلام من جانبين أو أكثر . يقال : تحاور القوم ، إذا ترجعوا الكلام فيما بينهم . ويقال : كلمته فما أحار إلى جوابا ، أى : ما رد جوابا .
والنفر : من ينفر - بضم الفاء - مع الرجل من قومه وعشيرته لقتال عدوه .
أى : فقال صاحب الجنتين لصاحبه المؤمن الشاكر : أنا أكثر منك مالا وأعز منك عشيرة وحشما وأعوانا .
وهذا شأن المطموسين المغرورين ، تزيدهم شهوات الدنيا وزينتها . . بطرا وفسادا فى الأرض .
وما أصدق قول قتادة - رضى الله عنه - : " تلك - والله - أمنية الفاجر : كثرة المال وعزة النفر " .
{ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ } قيل : المراد به : المال . رُوي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة . وقيل : الثمار وهو أظهر هاهنا ، ويؤيده القراءة الأخرى : " وكان له ثُمْر " بضم الثاء وتسكين الميم ، فيكون{[18174]} جمع ثَمَرَة ، كَخَشَبَة وخُشب ، وقرأ آخرون : { ثَمَرٌ } بفتح الثاء والميم .
فقال - أي صاحب هاتين [ الجنتين ]{[18175]} - { لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ } أي : يجادله ويخاصمه ، يفتخر عليه ويترأس : { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا } أي : أكثر خدمًا وحشمًا وولدًا .
قال قتادة : تلك - والله - أمنية الفاجر : كثرة المال وعزة النفر .
{ وكان له ثمر } أنواع من المال سوى الجنتين من ثمر ماله إذا كثره . وقرأ عاصم بفتح الثاء والميم ، وأبو عمرو بضم الثاء وإسكان الميم والباقون بضمهما وكذلك في قوله { وأحيط بثمره } { فقال لصاحبه وهو يحاوره } يراجعه في الكلام من حار إذا رجع . { أنا أكثر منك مالا وأعزّ نفراً } حشما وأعوانا . وقيل أولادا ذكورا لأنهم الذين ينفرون معه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.