المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ عِبَادَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّهُۥ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَأۡتِيّٗا} (61)

61- هذه الجنات دار خلود ، وعد الرحمن بها عباده التائبين ، فآمنوا بها بالغيب ، فهم داخلوها لا محالة ، فإن وعد الله لا يتخلف .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ عِبَادَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّهُۥ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَأۡتِيّٗا} (61)

ثم ذكر أن الجنة التي وعدهم بدخلولها ، ليست كسائر الجنات ، وإنما هي جنات عدن ، أي : جنات إقامة ، لا ظعن فيها ، ولا حول ولا زوال ، وذلك لسعتها ، وكثرة ما فيها من الخيرات والسرور ، والبهجة والحبور .

{ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ } أي : التي وعدها الرحمن ، أضافها إلى اسمه { الرَّحْمَنُ } لأن فيها من الرحمة والإحسان ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب [ بشر ] . وسماها تعالى رحمته ، فقال : { وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } وأيضا ففي إضافتها إلى رحمته ، ما يدل على استمرار سرورها ، وأنها باقية ببقاء رحمته ، التي هي أثرها وموجبها ، والعباد في هذه الآية ، المراد : عباد إلهيته ، الذين عبدوه ، والتزموا شرائعه ، فصارت العبودية وصفا لهم كقوله : { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ } ونحوه ، بخلاف عباده المماليك فقط ، الذين لم يعبدوه ، فهؤلاء وإن كانوا عبيدا لربوبيته ، لأنه خلقهم ورزقهم ، ودبرهم ، فليسوا داخلين في عبيد إلهيته العبودية الاختيارية ، التي يمدح صاحبها ، وإنما عبوديتهم عبودية اضطرار ، لا مدح لهم فيها .

وقوله : { بِالْغَيْبِ } يحتمل أن تكون متعلقه ب { وَعَدَ الرَّحْمَنُ } فيكون المعنى على هذا ، أن الله وعدهم إياها وعدا غائبا ، لم يشاهدوه ولم يروه فآمنوا بها ، وصدقوا غيبها ، وسعوا لها سعيها ، مع أنهم لم يروها ، فكيف لو رأوها ، لكانوا أشد لها طلبا ، وأعظم فيها رغبة ، وأكثر لها سعيا ، ويكون في هذا ، مدح له بإيمانهم بالغيب ، الذي هو الإيمان النافع . ويحتمل أن تكون متعلقة بعباده ، أي : الذين عبدوه في حال غيبهم وعدم رؤيتهم إياه ، فهذه عبادتهم ولم يروه ، فلو رأوه ، لكانوا أشد له عبادة ، وأعظم إنابة ، وأكثر حبا ، وأجل شوقا ، ويحتمل أيضا ، أن المعنى : هذه الجنات التي وعدها الرحمن عباده ، من الأمور التي لا تدركها الأوصاف ، ولا يعلمها أحد إلا الله ، ففيه من التشويق لها ، والوصف المجمل ، ما يهيج النفوس ، ويزعج الساكن إلى طلبها ، فيكون هذا مثل قوله : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } والمعاني كلها صحيحة ثابتة ، ولكن الاحتمال الأول أولى ، بدليل قوله : { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا } لابد من وقوعه ، فإنه لا يخلف الميعاد ، وهو أصدق القائلين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ عِبَادَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّهُۥ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَأۡتِيّٗا} (61)

وقوله { جَنَّاتِ عَدْنٍ التي وَعَدَ الرحمن عِبَادَهُ بالغيب } . بدل من الجنة فى قوله { فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة } .

أى : هؤلاء التائبون المؤمنون العاملون للصالحات يدخلهم الله - تعالى - جنات عدن ، أى : الجنات الدائمة التى وعدهم الرحمن بدخولها ، وكان هذا الوعد فى الدنيا قبل أن يشاهدوها أو يروها .

فقوله : { بالغيب } حال من المفعول وهو { عِبَادَهُ } أى : وعدهم بها حالة كونهم غائبين عنها ، لا يرونها ، وإنما آمنوا بوجودها بمجرد إخباره - سبحانه - لهم بذلك .

وقد أكد - سبحانه - هذا الوعد لهم بوجودها بمجرد إخباره - سبحانه - لهم بذلك .

وقد أكد - سبحانه - هذا الوعد لهم فى الدنيا بقوله : { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } أى : إنه - تعالى - كان وما زال ما وعد به عباده وهو الجنة { مَأْتِيّاً } أى : يأتيه ويصل إليه من وعده الله - تعالى - به ، لأنه - سبحانه - لا يخلف وعده .

فقوله : { مَأْتِيّاً } اسم مفعول من أتاه الشىء بمعنى جاءه ، وقيل : هو اسم مفعول بمعنى فاعل ، أى : إن وعده - سبحانه - لعباده كان آتياً لا ريب فيه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ عِبَادَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّهُۥ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَأۡتِيّٗا} (61)

يدخلون الجنة للإقامة . الجنة التي وعد الرحمن عباده إياها فآمنوا بها بالغيب قبل أن يروها . ووعد الله واقع لا يضيع . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ عِبَادَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّهُۥ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَأۡتِيّٗا} (61)

وقوله { جنات عدن } ، وقرأ جمهور الناس «جناتِ عدن » بنصب الجنات على البدل من قوله { يدخلون الجنة } ، وقرأ الحسن وعيسى بن عمر وأبو حيوة «جناتُ » برفعها على تقدير تلك الجنات ، وقرأ علي بن صالح «جنةَ » على الإفراد والنصب وكذلك في مصحف ابن مسعود وقرأها الأعمش ، و «العدن » الإقامة المستمرة ، قوله { بالغيب } أي أخبرهم من ذلك بما غاب عنهم ، وفي هذا مدح لهم عن سرعة إيمانهم وبدراهم إذ لم يعاينوا .

و «المأتي » مفعول على بابه ، والآتي هو الإنجاز والفعل الذي تضمنه الوعد ، وكان إيتانه إنما يقصد به «الوعد » الذي تقدمه . وقالت جماعة من المفسرين : هو مفعول في اللفظ بمعنى فاعل بمعنى آت وهذا بعيد ، والنظر الأول أصوب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ عِبَادَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّهُۥ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَأۡتِيّٗا} (61)

و{ جَنَّات } بدل من { الجنّة } . جيء بصيغة جمع جنات مع أن المبدل منه مفرد لأنه يشتمل على جنات كثيرة كما علمت ، وهو بدل مطابق وليس بدل اشتمال .

وعَدْن : الخلد والإقامة ، أي جنات خلد ووصفها ب { التي وعد الرحمان عباده } لزيادة تشريفها وتحسينها . وفي ذلك إدماج لتبشير المؤمنين السابقين في أثناء وعد المدعوين إلى الإيمان .

والغيب : مصدر غاب ، فكل ما غاب عن المشاهدة فهو غيب .

وتقدم في قوله تعالى : { الذين يؤمنون بالغيب } في أول البقرة ( 3 ) .

والباء في بالغيب للظرفية ، أي وعدها إياهم في الأزمنة الغائبة عنهم . أي في الأزل إذ خلقها لهم . قال تعالى : { أعدت للمتقين } [ آل عمران : 133 ] . وفيه تنبيه على أنها وإن كانت محجوبة عنهم في الدنيا فإنها مهيئة لهم .

وجملة { إنه كان وعده مأتياً } تعليل لجملة { التي وعد الرحمن عباده بالغيب } أي يدخلون الجنة وعداً من الله واقعاً . وهذا تحقيق للبشارة .

والوعد : هنا مصدر مستعمل في معنى المفعول . وهو من باب كَسا ، فالله وعد المؤمنين الصالحين جنات عدن . فالجنات لهم موعودة من ربهم .

والمأتِي : الذي يأتيه غيره . وقد استعير الإتيان لحصول المطلوب المترقب ، تشبيهاً لمن يحصل الشيء بعد أن سعى لتحصيله بمن مشى إلى مكان حتى أتاه . وتشبيهاً للشيء المحصل بالمكان المقصود . ففي قوله { مأتِيّا } تمثيلية اقتصر من أجزائها على إحدى الهيئتين ، وهي تستلزم الهيئة الأخرى لأنّ المأتي لا بد له من آت .