{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } تميلهم به إلى ما تشاء من أنواع الضلالات ، بسبب عبوديتهم لربهم وانقيادهم لأوامره أعانهم الله وعصمهم من الشيطان .
{ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ } فرضي بولايتك وطاعتك بدلا من طاعة الرحمن ، { مِنَ الْغَاوِينَ } والغاوي : ضد الراشد فهو الذي عرف الحق وتركه ، والضال : الذي تركه من غير علم منه به .
قال - تعالى - : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وكفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً } قال الآلوسى وقوله : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ . . . } أى تصرف وتسلط ، والمراد بالعباد ؛ المشار إليهم بالمخلصين ، فالإِضافة للعهد والاستثناء على هذا في قوله { إِلاَّ مَنِ اتبعك مِنَ الغاوين } منقطع .
واختار هذا غير واحد . . . وجوز أن يكون بالعباد العموم والاستثناء متصل ، والكلام كالتقرير لقوله إلا عبادك منهم المخلصين ، ولذا لم يعطف على ما قبله ، وتغيير الوضع لتعظيم المخلصين ، بجعلهم هم الباقين بعد الاستثناء . . . .
( إن عبادي ) المخلصين لي( ليس لك عليهم سلطان ) ، ولا لك فيهم تأثير ، ولا تملك أن تزين لهم لأنك عنهم محصور ، ولأنهم منك في حمى ، ولأن مداخلك إلى نفوسهم مغلقة ، وهم يعلقون أبصارهم بالله ، ويدركون ناموسه بفطرتهم الواصلة إلى الله . إنما سلطانك على من اتبعك من الغاوين الضالين . فهو استثناء مقطوع لأن الغاوين ليسوا جزءا من عباد الله المخلصين . إن الشيطان لا يتلقف إلا الشاردين كما يتلقف الذئب الشاردة من القطيع . فأما من يخلصون أنفسهم لله ، فالله لا يتركهم للضياع . ورحمة الله أوسع ولو تخلفوا فإنهم يثوبون من قريب !
{ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتّبعك من الغاوين } تصديق لإبليس فيما استثناه وتغيير الوضع لتعظيم { المخلصين } ، ولأن المقصود بيان عصمتهم وانقطاع مخالب الشيطان عنهم ، أو تكذيب له فيما أوهم أن له سلطانا على من ليس بمخلص من عباده ، فإن منتهى تزيينه التحريض والتدليس كما قال : { وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي } وعلى هذا يكون الاستثناء منقطعا ، وعلى الأول يدفع قول من شرط أن يكون المستثني أقل من الباقي لإفضائه إلى تناقض الاستثناءين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.