{ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ } أي : لا يحضرون الزور أي : القول والفعل المحرم ، فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة أو الأفعال المحرمة ، كالخوض في آيات الله والجدال الباطل والغيبة والنميمة والسب والقذف والاستهزاء والغناء المحرم وشرب الخمر وفرش الحرير ، والصور ونحو ذلك ، وإذا كانوا لا يشهدون الزور فمن باب أولى وأحرى أن لا يقولوه ويفعلوه .
وشهادة الزور داخلة في قول الزور تدخل في هذه الآية بالأولوية ، { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ } وهو الكلام الذي لا خير فيه ولا فيه فائدة دينية ولا دنيوية ككلام السفهاء ونحوهم { مَرُّوا كِرَامًا } أي : نزهوا أنفسهم وأكرموها عن الخوض فيه ورأوا أن الخوض فيه وإن كان لا إثم فيه فإنه سفه ونقص للإنسانية والمروءة فربأوا بأنفسهم عنه .
وفي قوله : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ } إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضوره ولا سماعه ، ولكن عند المصادفة التي من غير قصد يكرمون أنفسهم عنه .
ثم واصلت السورة حديثها عن عباد الرحمن ، فقال - تعالى - : { والذين لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } .
وأصل الزور : تحسين الشىء ووصفه بغير صفته ، ووضعه فى غير موضعه ، مأخوذ من الزَّور بمعنى الميل والانحراف عن الطريق المستقيم إلى غيره .
واللغو : هو مالا خير فيه من الأقوال أو الأفعال .
أى : إن من صفات عباد الرحمن أنهم لا يرتكبون شهادة الزور ، ولا يحضرون المجالس التى توجد فيها هذه الشهادة ، لأنها من أمهات الكبائر التى حاربها الإسلام .
وفضلا عن ذلك فإنهم " إذا مروا باللغو " أى : بالمجالس التى فيها لغو من القول أو الفعل " مروا كراما " أى : أعرضوا عنها إكراما لأنفسهم ، وصونا لكرامتهم ، وحفاظا على دينهم ومروءتهم .
والتعبير بقوله - تعالى - : { وَإِذَا مَرُّواْ . . . } فيه إشعار بأن مرورهم على تلك المجالس كان من باب المصادفة والاتفاق ، لأنهم أكبر من أن يقصدوا حضورها قصدا .
وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { وَإِذَا سَمِعُواْ اللغو أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الجاهلين }
وبعد هذا البيان المعترض يعود إلى سمات ( عباد الرحمن ) :
( والذين لا يشهدون الزور ، وإذا مروا باللغو مروا كراما ) . .
وعدم شهادة الزور قد تكون على ظاهر اللفظ ومعناه القريب ، أنهم لا يؤدون شهادة زور ، لما في ذلك من تضييع الحقوق ، والإعانة على الظلم . وقد يكون معناها الفرار من مجرد الوجود في مجلس أو مجال يقع فيه الزور بكل صنوفه وألوانه ، ترفعا منهم عن شهود مثل هذه المجالس والمجالات . وهو أبلغ وأوقع . وهم كذلك يصونون أنفسهم واهتماماتهم عن اللغو والهذر : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما )لا يشغلون أنفسهم به ، ولا يلوثونها بسماعه ؛ إنما يكرمونها عن ملابسته ورؤيته بله المشاركة فيه ! فللمؤمن ما يشغله عن اللغو والهذر ، وليس لديه من الفراغ والبطالة ما يدفعه إلى الشغل باللغو الفارغ ، وهو من عقيدته ومن دعوته ومن تكاليفها في نفسه وفي الحياة كلها في شغل شاغل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.