فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱلَّذِينَ لَا يَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِٱللَّغۡوِ مَرُّواْ كِرَامٗا} (72)

{ ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا 71 والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما 72 والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا73 } .

كأن الآية السبعين كانت في التوبة على الكافرين ، وهذه في التوبة على العاصين من المسلمين ، فمن أذنب ثم رجع عن ذنبه وأتبع السيئة الحسنة فإن الحسنات يذهبن بفضل الله السيآت ، وهكذا بين القرآن في آية كريمة أخرى أن ربنا يتوب على من أقلع عن العصيان ، وسلك سبيل الإحسان : ) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينو فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم( {[2623]}والذين لا يحضرون الكذب والباطل ، ولا يقولونه ، ولا يشاهدونه ، ولا يشهدون به ، وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ، وإذا رأوا مجالس عصيان أعرضوا عنها منكرين ، لا يرضون صنيعهم ، ولا يجالسونهم ، ومن باب أولى لا يماثلونهم ، فهذا مرور الكرام ، وعباد الرحمان إذا قرئ عليهم القرآن لم يتغافلوا عنه حتى يكونوا بمنزلة من صمت أذنه وعميت بصيرته )يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها . . ( {[2624]} ولقد جاء في الصحيح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " . . وإن شر الناس من يقرأ كتاب الله تعالى لا يرعوي بشيء منه " . قال الفراء : لم يقعدوا على حالهم الأول كأن لم يسمعوا .

وفي الصحيحين عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر " ، ثلاثا  ! قلنا : بلى يا رسول الله قال : " الشرك بالله وعقوق الوالدين " وكان متكئا فجلس فقال : " ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت .


[2623]:سورة البقرة. الآية 160.
[2624]:سورة الجاثية من الآية 8.