السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلَّذِينَ لَا يَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِٱللَّغۡوِ مَرُّواْ كِرَامٗا} (72)

ولما وصف سبحانه وتعالى عباده بأنهم تحلوا بأصول الفضائل وتخلوا عن أمهات الرذائل ورغب في التوبة ؛ لأن الإنسان لعجزه لا ينفك عن النقص مدحهم بصفة أخرى وهي الصفة المذكورة في قوله تعالى : { والذين لا يشهدون } أي : لا يحضرون { الزور } أي : القول المنحرف عن الصدق كذباً كان أو مقارباً له فضلاً عن أن يتفوهوا به للخبر فلا يسمعوا أو يقروا عليه في مواعظ عيسى بن مريم عليه السلام إياكم ومجالسة الخطائين ويحتمل أنهم لا يشهدون شهادة الزور فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وعن قتادة مجالس الباطل وعن ابن الحنفية اللهو والغناء ، وعن مجاهد أعياد المشركين ، ثم عطف عليه بما هو أعم منه بقوله تعالى : { وإذا مروا باللغو } أي : الذي ينبغي أن يطرح من الكلام القبيح وغيره { مروا كراماً } أي : آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر إن تعلق بهم أمر أو نهي إشارة أو عبارة على حسب ما يرون نافعاً ، فإن لم يتعلق بهم ذلك كانوا معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن الوقوف عليه والخوض فيه لقوله تعالى : { وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين } ( القصص ، 55 ) ، ومن ذلك الإغضاء عن الفواحش والصفح عن الذنوب والكناية عما ما يستهجن التصريح به ، وعن الحسن لم تشقهم المعاصي ، وقيل : إذا سمعوا من الكفار الأذى أعرضوا عنه .