ثم وصف سبحانه هؤلاء التائبين العاملين للصالحات فقال :
{ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ } أي لا يقيمون الشهادة الكاذبة أو لا يحضرون الزور ، وهو الكذب والباطل ، ولا يشاهدونه ، وإلى الثاني ذهب جمهور المفسرين قال الزجاج : الزور في اللغة الكذب ، ولا كذب فوق الشرك بالله ، قال الواحدي : أكثر المفسرين على أن الزور ههنا بمعنى الشرك والحاصل أن { يشهدون } إن كان من الشهادة ففي الكلام مضاف محذوف ، أي لا يشهدون شهادة الزور وإن كان من الشهود والحضور كما ذهب إليه الجمهور فقد اختلفوا في معناه ، فقال قتادة : لا يساعدون أهل الباطل على باطلهم وقال محمد بن الحنفية : لا يحضرون اللهو والغناء .
وقال ابن جريح : الكذب ، وعن مجاهد أيضا . وقيل ينفرون عن محاضر الكذابين ، ومجالس الخطائين ، فلا يقربونها تنزها عن مخالطة الشر ، وأهله ، وقيل أعياد المشركين ، وقيل النوح ، والأولى عدم التخصيص بنوع دون نوع من أنواع الزور بل المراد الذين لا يحضرون ما يصدق عليه اسم الزور كائنا ما كان ، وعن ابن عباس قال : إن الزور كان صنما بالمدينة يلعبون حوله كل سبعة أيام .
{ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ } على سبيل الاتفاق من غير قصد { مَرُّوا كِرَامًا } أي معرضين عنه ، غير ملتفتين إليه ، مكرمين أنفسهم عن الوقوف عليه ، والخوض فيه . ومن ذلك الإغضاء عن الفواحش ، والصفح عن الذنوب ، والكناية عما يستهجن التصريح به قال ابن عباس : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه آله وسلم إذا مروا به ، يعني الصنم المذكور ، مروا كراما ، لا ينظرون إليه ، كقوله { وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه } .
وقال الباقر : إذا ذكروا الفروج كنوا عنها . وقيل الشتم ، والأذى { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ( 73 ) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ( 74 ) أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ( 75 ) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ( 76 ) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ( 77 ) }
واللغو ، كل ساقط ، من قول أو فعل . قال الحسن : اللغو المعاصي كلها ، وقيل المراد مروا بذوي اللغو ، يقال فلان يكرم عما يشينه ، أي بتنزه ، ويكرم نفسه ، عن الدخول في اللغو ، والاختلاط بأهله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.