اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلَّذِينَ لَا يَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِٱللَّغۡوِ مَرُّواْ كِرَامٗا} (72)

قوله{[36748]} : { والذين لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ } وجهان :

أحدهما : أنه مفعول به ، أي : لا يحضرون الزُّور ، وفسر بالصَّنم واللهو . وقال أكثر المفسرين : يعني : الشرك{[36749]} .

والثاني : أنه مصدر ، والمراد شهادة الزُّور ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه . قاله علي بن أبي طالب{[36750]} .

وقال ابن{[36751]} جريج : الكذب . وقال مجاهد : أعياد المشركين . وقيل : النوح . وقال قتادة : لا يساعدون أهل الباطل على باطلهم{[36752]} . وكل هذه الوجوه محتملة .

وأصل «الزُّور » : تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته ، فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق .

قوله : { وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ } أي : بأهله . قال مقاتل : إذا سمعوا من الكفار الشتم والأذى أعرضوا وصفحوا كقوله : { وَإِذَا سَمِعُواْ اللغو أَعْرَضُواْ عَنْهُ }{[36753]} [ القصص : 55 ] .

وقال الحسن والكلبي : اللغو : المعاصي كلها{[36754]} مما يجب أن يلغى ويترك .

«مَرُّوا كِرَاماً » مسرعين معرضين ، يقال : تكرّم فلان عما يشينه إذا تنزه وأكرم نفسه عنه{[36755]} .


[36748]:في ب: قوله تعالى.
[36749]:انظر البغوي 6/200.
[36750]:المرجع السابق وانظر الوجهين أيضا في البحر المحيط 6/516.
[36751]:أين: سقط من ب.
[36752]:انظر البغوي 6/200.
[36753]:انظر البغوي 6/201.
[36754]:انظر البغوي 6/201.
[36755]:في النسختين: عنها. وانظر البغوي 6/201، الفخر الرازي 24/114.