التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَٱلَّذِينَ لَا يَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِٱللَّغۡوِ مَرُّواْ كِرَامٗا} (72)

قوله تعالى : { والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما ( 72 ) والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ( 73 ) والذين يقولون ربنا هب لنا من أزوجانا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ( 74 ) } هذه بضع من الصفات الجليلة لعباد الرحمان . فهم ( لا يشهدون الزور ) والزور في اللغة بمعنى الكذب . ازورّ عن الشيء ازورارا ؛ أي عدل عنه وانحرف{[3358]} وجاء في تأويل الزور في الآية عدة أقوال منها : أنه الشرك . وقيل : أعياد أهل الذمة . وقيل : الغناء . وأظهرها أنه الكذب . والمعنى : أن المؤمنين لا يحضرون مجالس الكذب والباطل . ويحتمل أن يكون معنى الزور إقامة الشهادة الباطلة . فيكون المعنى أنهم لا يشهدون شهادة الزور .

قوله : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) منصوب على الحال من واو ( مروا ) {[3359]} اللغو ، كل كلام أو فعل باطل أو سقط لا أصل له ولا حقيقة . فيدخل فيه الغناء واللهو وغير ذلك مما يستقبح من القول . ويدخل فيه كذلك سفه المشركين ، وأذاهم المؤمنين . وكذلك ذكر النساء بالسفه من القول . فإذا مر المؤمنين بشيء من ذلك فسمعوه أو رأوه ( مروا كراما ) أي أعرضوا عنه منكرين ، لا يرضونه ولا يجالسون أهله . بل يكرمون أنفسهم بالترفع عن مجالسة أهل اللغو من فارغ القول وسقط الكلام .


[3358]:- القاموس المحيط جـ2 ص 43 ومختار الصحاح ص 278.
[3359]:- البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 209.