ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات ببيان حال الكافرين فى جهنم فقال : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } .
أى : لهم فيها تنفس شديد يخرج من أقصى أفواههم بصعوبة وعسر ، كما هو شأن المغموم المحزون . وأصل الزفير : تردد النفس حتى تنتفخ منه الضلوع .
{ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } أى : وهم فى جهنم لا يسمعون ما يريحهم ، وإنما يسمعون ما فيه توبيخهم وعذابهم ، أو : وهم فيها لا يسمع بعضهم زفير بعض لشدة ما هم فيه من هول وخوف .
{ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } ، كَمَا قَالَ : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } [ هود : 106 ] ، والزفير : خروج أنفاسهم ، والشهيق : ولوج أنفاسهم ، { وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ } .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافِسيّ ، حدثنا ابن فُضَيْل ، حدثنا عبد الرحمن - يعني : المسعودي - عن أبيه قال : قال ابن مسعود : إذا بقي من يخلد في النار ، جُعلوا في توابيت من نار ، فيها مسامير من نار ، فلا يَرَى أحد منهم أنه يعذب في النار غيره ، ثم تلا عبد الله : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ } .
ورواه ابن جرير ، من حديث حجاج بن محمد ، عن المسعودي ، عن يونس بن خَبّاب{[19889]} ، عن ابن مسعود فذكره .
القول في تأويل قوله تعالى : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ * إِنّ الّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنّا الْحُسْنَىَ أُوْلََئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } .
يعني تعالى ذكره بقولهم : لَهُمْ المشركين وآلهتهم ، والهاء ، والميم في قوله : لَهُمْ من ذكر «كلّ » التي في قوله : وُكلّ فِيا خالِدُونَ . يقول تعالى ذكره : لكلهم في جهنم زفير ، وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ يقول : وهم في النار لا يسمعون .
وكان ابن مسعود يتأوّل في قوله : وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ ما :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن المسعودي ، عن يونس بن خباب ، قال : قرأ ابن مسعود هذه الاَية : لَهُمْ فِيها زَفِير وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ قال : إذا ألقي في النار من يخلد فيها جعلوا في توابيت من نار ، ثم جعلت تلك التوابيت في توابيت أخرى ، ثم جعلت التوابيت أخرى فيها مسامير من نار ، فلا يرى أحد منهم أن في النار أحدا يعذّب غيره . ثم قرأ : لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.