الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَهُمۡ فِيهَا لَا يَسۡمَعُونَ} (100)

قوله تعالى : " لهم فيها زفير " أي لهؤلاء الذين وردوا النار من الكفار والشياطين ، فأما الأصنام فعلى الخلاف فيها ، هل يحييها الله تعالى ويعذبها حتى يكون لها زفير أو لا ؟ قولان : والزفير : صوت نفس المغموم يخرج من القلب . وقد تقدم في " هود " {[11373]} . " وهم فيها لا يسمعون " قيل : في الكلام حذف ، والمعنى وهم فيها لا يسمعون شيئا ؛ لأنهم يحشرون صما ، كما قال الله تعالى : " ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما " {[11374]} [ الإسراء : 97 ] . وفي سماع الأشياء روح وأنس ، فمنع الله الكفار ذلك في النار . وقيل : لا يسمعون ما يسرهم ، بل يسمعون صوت من يتولى تعذيبهم من الزبانية . وقيل : إذا قيل لهم " اخسؤوا فيها ولا تكلمون{[11375]} " [ المؤمنون : 108 ] يصيرون حينئذ صما بكما ، كما قال ابن مسعود : إذا بقي من يخلد في النار في جهنم جعلوا في توابيت من نار ، ثم جعلت التوابيت في توابيت أخرى فيها مسامير من نار ، فلا يسمعون شيئا ، ولا يرى أحد منهم أن في النار من يعذب غيره .


[11373]:راجع جـ 9 78 فما بعد.
[11374]:راجع جـ 10 ص 333.
[11375]:راجع جـ 12 ص 153.