اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَهُمۡ فِيهَا لَا يَسۡمَعُونَ} (100)

وقوله :

{ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ }{[29768]} قال الحسن : الزفير هو اللهيب{[29769]} ، أي : يرتفعون بسبب لهب النار حتى إذا ارتفعوا وأرادوا الخروج ضربوا بمقامع الحديد ، فهوَوا إلى أسفلها سبعين خريفاً . قال الخليل : الزفير أن يملأ الرجل صدره غماً ثم يتنفس{[29770]} .

قال أبو مسلم : قوله : { لَهُمْ } عام لكل مُعَذب ، فيقول : لهم زفير من شدة ما ينالهم والضمير في قوله : { وَهُمْ فِيهَا } يرجع إلى المعبودين أي : لا يسمعون صراخهم وشكواهم ، ومعناه أنهم{[29771]} لا يغيثونهم ، وشبهه : ( سمع الله لمن حمده ) ، أي : أجاب الله دعاه .

وقوله : { وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } على قول أبي مسلم محمول على الأنام .

ومن حمله على الكفار فيحتمل ثلاثة أوجه :

أحدها : أنَّ الكفار يحشرون صماً كما يحشرون عمياً زيادة في عذابهم .

والثاني : لا يسمعون ما ينفعهم ، لأنهم إنما يسمعون أصوات المعذبين ، أو كلام مَنْ يتولى تعذيبهم من الملائكة .

والثالث : قال ابن مسعود - رضي الله عنه- : إنَّ الكفار يجعلون في توابيت{[29772]} ( من نار ، ثم يجعل تلك التوابيت في توابيت أخر ، ثم تلك التوابيت في توابيت ){[29773]} أخر من نار عليها مسامير من نار ، فلذلك لا يسمعون شيئاً ، ولا يرى أحد منهم أنَّ أحداً يعذب غيره . والأول ضعيف ، لأنَّ أهل النار يسمعون كلام أهل الجنة ، فلذلك يستغيثون بهم على ما ذكره الله تعالى في سورة الأعراف{[29774]} {[29775]} .


[29768]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 22/225.
[29769]:في ب: اللهب.
[29770]:العين: (زفر).
[29771]:أنهم: سقط من الأصل.
[29772]:التوابيت جمع تابوت، وهو الصندوق الذي يحرز فيه المتاع، وعند قدماء المصريين صندوق من حجر أو خشب توضع فيه الجثة، عليه من الصور والرسوم ما يصور آمال المصريين وعقائدهم في العالم الآخر. المعجم الوسيط 1/84 (تبت).
[29773]:ما بين القوسين سقط من ب.
[29774]:في قوله تعالى: {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين} [الأعراف: 50].
[29775]:آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي 22/225.