المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

12- إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات عظيمة تجرى من تحتها الأنهار ، والذين كفروا يتمتعون في الدنيا قليلا ، ويأكلون كما تأكل الأنعام ، غافلين عن التفكير في العاقبة ، لا همَّ لهم سوى شهواتهم ، والنار في الآخرة مأوى لهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

{ 12 } { إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ }

لما ذكر تعالى أنه ولي المؤمنين ، ذكر ما يفعل بهم في الآخرة ، من دخول الجنات ، التي تجري من تحتها الأنهار ، التي تسقي تلك البساتين الزاهرة ، والأشجار الناظرة المثمرة ، لكل زوج بهيج ، وكل فاكهة لذيذة .

ولما ذكر أن الكافرين لا مولى لهم ، ذكر أنهم وُكِلُوا إلى أنفسهم ، فلم يتصفوا بصفات المروءة ، ولا الصفات الإنسانية ، بل نزلوا عنها دركات ، وصاروا كالأنعام ، التي لا عقل لها ولا فضل ، بل جل همهم ومقصدهم التمتع بلذات الدنيا وشهواتها ، فترى حركاتهم الظاهرة والباطنة دائرة حولها ، غير متعدية لها إلى ما فيه الخير والسعادة ، ولهذا كانت النار مثوى لهم ، أي : منزلا معدا ، لا يخرجون منها ، ولا يفتر عنهم من عذابها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

ثم بين - سبحانه - ما أعده للمؤمنين من ثواب عظيم ، وما أعده للكافرين من عذاب أليم ، فقال : { إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار والذين كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ . . } أى يتمتعون وينتفعون بملاذ الدنيا أياما قليلة .

{ وَيَأْكُلُونَ } مآكلهم بدون تفكر أو تحر للحلال أو شكر لله { كَمَا تَأْكُلُ الأنعام } طعامها الذى يلقيه إليها صاحبها .

فالمقصود بالجملة الكريمة ذم هؤلاء الكافرين ، لشبههم بالأنعام التى لا تعقل ، فى كونهم يأكلون طعامهم دون أن يشركوا الله - تعالى - عليه ودون أن يفرقوا بين الحلال والحرام ، ودون أن يرتفعوا بإنسانيتهم عن مرتبة الحيوان الأعجم .

قال الآلوسى : والمعنى أن أكلهم مجرد عن الفكر والنظر ، كما تقول للجاهل : تعيش كما تعيش البهيمة ، فأنت لا تريد التشبيه فى مطلق العيش ، ولكن فى خواصه ولوازمه . وحاصلة أنهم يأكلون غافلين عن عواقبهم ومنتهى أمورهم .

وقوله : { والنار مَثْوًى لَّهُمْ } بيان لسوء عاقبتهم فى الآخرة ، بعد بيان صورتهم القبيحة فى الدنيا .

والمثوى : اسم مكان لمحل إقامة الإِنسان .

بأى : والنار هى المكان المعد لنزولهم فيه يوم القيامة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

ثم يوازن بين نصيب الذين آمنوا ونصيب الذين كفروا من المتاع بعدما بين نصيب هؤلاء وهؤلاء فيما يشتجر بينهم من قتال ونزال . مع بيان الفارق الأصيل بين متاع ومتاع :

إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار . والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام ، والنار مثوى لهم . .

والذين آمنوا وعملوا الصالحات يتمتعون في الأرض أحيانا من أطيب المتاع ؛ ولكن الموازنة هنا إنما تقوم بين النصيب الحقيقي الضخم للمؤمنين - وهو نصيبهم في الجنة - والنصيب الكلي للكافرين الذي لا نصيب لهم سواه .

ونصيب المؤمنين يتلقونه من يد الله في جنات تجري من تحتها الأنهار . فالله هو الذي يدخلهم . وهو إذن نصيب كريم علوي رفيع . وهم ينالونه من بين يدي الله في علاه جزاء على الإيمان والصلاح ، متناسقا في رفعته وكرامته مع الارتفاع المنطلق من الإيمان والصلاح .

ونصيب الذين كفروا متاع وأكل ( كما تأكل الأنعام ) . . وهو تصوير زري ، يذهب بكل سمات الإنسان ومعالمه ؛ ويلقي ظلال الأكل الحيواني الشره ، والمتاع الحيواني الغليظ . بلا تذوق ، وبلا تعفف عن جميل أو قبيح . . إنه المتاع الذي لا ضابط له من إرادة ، ولا من اختيار ، ولا حارس عليه من تقوى ، ولا رادع عنه من ضمير .

والحيوانية تتحقق في المتاع والأكل ، ولو كان هناك ذوق مرهف للطعوم ، وحس مدرب في اختيار صنوف المتاع ، كما يتفق هذا لكثير من الناشئين في بيوت النعمة والثراء . وليس هذا هو المقصود . إنما المقصود هو حساسية الإنسان الذي يملك نفسه وإرادته ، والذي له قيم خاصة للحياة ؛ فهو يختار الطيب عند الله . عن إرادة لا يخضعها ضغط الشهوة ، ولا يضعفها هتاف اللذة . ولا تحسب الحياة كلها مائدة طعام ، وفرصة متاع ؛ بلا هدف بعد ذلك ولا تقوى فيما يباح وما لا يباح !

إن الفارق الرئيسي بين الإنسان والحيوان : أن للإنسان إرادة وهدفا وتصورا خاصا للحياة يقوم على أصولها الصحيحة ، المتلقاة من الله خالق الحياة . فإذا فقد هذا كله فقد أهم خصائص الإنسان المميزة لجنسه ، وأهم المزايا التي من أجلها كرمه الله .