فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

{ إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار } .

تولى الله – تبارك اسمه- بالتأييد والتثبيت والإنجاء والإعزاز في الدنيا أهل الإيمان والصلاح ، ويتولاهم في الآخرة فينزلهم مساكن طيبة في جنات ونهر ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر .

{ والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم( 12 ) } .

ولما كان المؤمنون قد صدّقوا بلقاء الواحد القهار ، وتزودوا بخير زاد ، أعرضوا عن الشهوات وأقبلوا على التنافس في الطاعات والمكرمات ؛ أما الجاحدون اليائسون من الآخرة فلا هم لهم إلا اتباع الشهوات ، والعكوف على الملذات ، لا يشبعون من زاد ، ولا يتفكرون في المعاد ؛ ولهذا صح عن المبعوث بالهدى والرشاد : ( المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء ) ؛ ثم مآله ومصيره الخلود في النار ، وما أعد له من جزاء ! .

[ . . فشبه الكافرين بالأنعام من جهة أن الكافر غرضه من الحياة التنعم والأكل وسائر الملاذ ، لا التقوِّي والتوسل بالغذاء إلى الطاعة وعمل الآخرة ؛ ومن جهة أنه لا يستدل بالنعم على خالقها ، ومن جهة غفلتهم عن مآل حالهم وأن النار مثوى لهم . ]{[4825]}

[ وقيل : المؤمن في الدنيا يتزود ، والمنافق يتزين ، والكافر يتمتع . { . . والنار مثوى لهم } أي مقام ومنزل . ]{[4826]} .


[4825]:مما أورده النيسابوري
[4826]:مما أورده القرطبي.