التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ( 7 ) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ( 8 ) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ( 9 ) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ( 10 ) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ( 11 ) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ( 12 ) } .

عبارة الآيات واضحة وقد تضمنت ما يلي :

( 1 ) وعدا من الله للمسلمين بالنصر والتثبيت إذا نصروه أي نصروا دينه ، وإيذانا بأن الله يكون مولاهم ويدخلهم الجنة .

( 2 ) وتنديدا بالكفار لكرههم لما أنزل الله وجحودهم فضله . وإيذانا بأنه قد أحبط بسبب ذلك مكائدهم وجعل الضلال والخسران حليفي أعمالهم . وإنذارا لهم بتدمير الله كما دمر الذين من قبلهم ممن رأوا آثارهم في أثناء طوافهم في الأرض ، ثم بالنار التي تكون مصيرهم في الآخرة . وتمثيلا لهم بالأنعام ؛ حيث كان تمتعهم في الدنيا لا يعدو تمتع الأنعام التي لا تشعر بمتعة والتي ليس لها من هم إلا إملاء بطونها وإشباع غرائزها .

ولم نطلع على رواية خاصة في نزول الآيات . والمتبادر أنها جاءت معقبة على الآيات السابقة لتنوه بالمؤمنين وتندد بالكافرين موضع الكلام فيها . وأسلوبها قوي في حض المؤمنين وتثبيتهم وتبشيرهم وفي تقريع الكافرين وإنذارهم . وهو مما استهدفته الآيات بالنسبة لظروف نزولها كما هو المتبادر ، وهذا فضلا عما انطوى فيها من تلقين جليل مستمر المدى بالنسبة للمؤمنين والكافرين على السواء . وننبه هنا إلى ما نبهنا عليه مرارا من أن احتوته الآيات من دعاء على الكفار بالتعس ، وبإضلال أعمالهم ، وبأنه لا مولى لهم وأن النار مثواهم إنما هو تسجيل لواقع الأمر حين نزولها ، وإنه إنما يظل واردا في حق من يموت كافرا وحسب . وقد جاء المعنى صريحا في آية من آيات هذه السورة على ما يأتي بعد قليل .