ثم ذكر ما للفريقين فقال : { إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } لما بين حال المؤمنين والكافرين في الدنيا بين حالهم في الآخرة وقال : إنه يدخل المؤمن الجنة ، والكافر النار . وقد تقدم أن مِنْ في قوله : «مِنْ تَحْتِهَا » تحتمل أن تكون صلة معناه تجري تحتها ، ويحتمل أن يكون المراد ( أن ){[51288]} ماءها منها لا يجري إليها من موضع آخر ، يقال : هذا نهر مَنْبَعُهُ مِنْ أَيْنَ ؟ يقال : من عين كذا من تحت جبل كذا{[51289]} .
قوله : { والذين كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأنعام } أي ليس لهم هِمة إلا بطونهم وفروجهم وهم لاهون عما في غد . قيل : المؤمن في الدنيا يتزود ، والكافر يتزين ، والكافر يتمتع{[51290]} .
قوله : { كَمَا تَأْكُلُ الأنعام } إما حال من ضمير المصدر ، أي يأكلون الأكل مشبهاً أكل الأنعام وإما نعت لمصدر أي أكلاً مثل أكل الأنعام .
قوله : { والنار مَثْوًى لَّهُمْ } يجوز أن تكون هذه الجملة استئنافاً . ويجوز أن تكون حالاً ، ولكنها مقدرة أي يأكلون مقدار ثَوْبتهم في النار . وقال في حق المؤمن : { إِنَّ الله يُدْخِلُ } بصيغة الوعد ، وقال في حق الكافر : { النار مثوى لهم } بصيغة تنبئ عن الاستحقاق ، لأن الإحسان لا يستدعي استحقاقاً ، فالمحسن إلى من يوجد منه ما يوجب الإحسان كريم . والمعذب من غير استحقاق ظالم{[51291]} .
قوله : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ } يريد أهل ، ولذلك راعى هذا المقدر في قوله : { أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } بعدما راعى المضاف في قوله : { هِيَ أَشَدُّ } والجملة من هي ابتداء صفة لقرية . وقال ابن عطية : نسب الإخراج للقرية حملاً على اللفظ وقال : «أهلكناهم » حملاً على المعنى{[51292]} . قال أبو حيان : وظاهر هذا الكلام لا يَصِحّ لأن الضمير في «أهلكناهم » ليس عائداً على المضاف إلى القرية التي أسند إليه الإخراج بل على{[51293]} أهل القرية في قوله : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ } فإن كان أراد بقوله : «حملاً على المعنى » ، أي معنى القرية في قوله : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ } فهو صحيح ، لكن ظاهر قوله : حملاً على اللفظ ، وحملاً على المعنى أن يكون في مدلول واحد . وكان على هذا يبقى كأين مفلتاً غير محدَّث عنه بشيء إلا أن يتخيَّل أن { هِيَ أَشَدُّ } خبر عنه والظاهر أنه صفة لقرية{[51294]} . قال شهاب الدين : وابنُ عطية إنما أراد لفظ القرية من حيث الجملة لا من حيث التفسير{[51295]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.