السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

ثم ذكر سبحانه وتعالى ما للفريقين بقوله تعالى :

{ إنّ الله } أي الذي له جميع الصفّات { يدخل الذين آمنوا } أي : أوقعوا التصديق { وعملوا } تصديقاً لما ادعوا أنهم أوقعوه { الصالحات } أي : الطاعات { جنات } أي : بساتين عظيمة الشأن موصوفة بأنها { تجري من تحتها } أي : من تحت قصورها { الأنهار } فهي دائمة النموّ والبهجة والنضارة والثمرة { والذين كفروا يتمتعون } أي : في الدنيا بالملاذ ، كما تتمتع الأنعام ناسين ما أمر الله تعالى به معرضين عن كتابه .

{ ويأكلون } على سبيل الاستمرار { كما تأكل الأنعام } أي : أكل التذاذ ومرح من أيّ موضع كان وكيف الأكل من غير تمييز الحرام من غيره ، إذ ليس لهم همة إلا بطونهم وفروجهم ، لا يلتفتون إلى الآخرة ؛ لأنّ الله تعالى أعطاهم الدنيا ، ووسع عليهم فيها ، وفرغهم لها حتى شغلتهم عنه هواناً بهم وبغضاً لهم فيدخلهم ناراً وقودها الناس والحجارة كما قال تعالى : { والنار مثوى لهم } أي : منزل ومقام ومصير .