لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

ولما ذكر الله تعالى حال المؤمنين والكافرين في الدنيا ذكر حالهم في الآخرة فقال تعالى : { إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار } يعني هذا لهم في الآخرة { والذين كفروا يتمتعون } يعني في الدنيا بشهواتها ولذاتها { ويأكلون كما تأكل الأنعام } يعني ليس لهم همة إلا بطونهم وفروجهم وهم مع ذلك لاهون ساهون عما يراد بهم في غد ولهذا شبههم بالأنعام لأن الأنعام لا عقل لها ولا تمييز وكذلك الكافر لا عقل له ولا تمييز لأنه لو كان له عقل ما عبد ما يضره ولا ينفعه . قيل : المؤمن في الدنيا يتزود والمنافق يتزين والكافر يتمتع وإنما وصف الكافر بالتمتع في الدنيا لأنها جنته وهي سجن المؤمن بالنسبة إلى ما أعد الله له في الآخرة من النعيم العظيم الدائم { والنار مثوى لهم } يعني مقام الكفار في الآخرة . والثواء : المقام في المكان مع الاستقرار فيه ، فالنار مثوى الكافرين ومستقرهم .