المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَآ أُقۡسِمُ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ} (1)

مقدمة السورة:

أقسم الله بالبلد الحرام مكة موطن محمد صلى الله عليه وسلم الذي نشأ فيه وأحبه ، وبوالد وما ولد ، لأن بهما حفظ النوع وبقاء العمر على أن الإنسان خلق في مشقة ومكابدة متاعب ، ثم بين أنه مغتر يحسب أن قدرته لا تغلب ، وأنه ذو مال كثير ينفقه إرضاء لشهواته وأهوائه ، ثم عدد سبحانه ما أنعم به عليه مما ييسر له سبل الهداية واقتحام العقبة . ليكون من أهل الجنة أصحاب اليمين ، ويفر مما يجعله من أصحاب المشأمة الذين يرمى بهم في النار وتغلق عليهم أبوابها .

1- أقسم قسماً مؤكداً بمكة البلد الحرام .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَآ أُقۡسِمُ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة لا أقسم بهذا البلد مكية{[1]}

{ 1 - 20 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ * أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ * يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا * أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ * أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ * فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ }

يقسم تعالى { بِهَذَا الْبَلَدِ } الأمين ، الذي هو مكة المكرمة ، أفضل البلدان على الإطلاق .


[1]:- هذا التنبيه جعله الشيخ -رحمه الله- على غلاف المجلد الأول فصدرت به التفسير كما فعل -رحمه الله-.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَآ أُقۡسِمُ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة البلد

مقدم وتمهيد

1- سورة " البلد " وتسمى سورة " لا أقسم " من السور المكية الخالصة ، وعلى ذلك سار المحققون من المفسرين .

قال القرطبي : سورة " البلد " مكية باتفاق . . ( {[1]} ) .

وقال الآلوسي : مكية في قول الجمهور بتمامها ، وقيل : مدنية بتمامها . وقيل : مدنية إلا أربع آيات من أولها . واعتراض كلا القولين بأنه يأباهما قوله [ بهذا البلد ] –إذ المقصود بهذا البلد مكة- ، ولقوة الاعتراض ادعى الزمخشري الإجماع على مكيتها . . ( {[2]} ) .

والذي تطمئن إليه النفس ، أن هذه السورة من السور المكية الخالصة ، ولا يوجد دليل يعتمد عليه يخالف ذلك .

قال الشوكاني : سورة " البلد " ، ويقال لها سورة " لا أقسم " وهي عشرون آية . وهي مكية بلا خلاف . وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة " لا أقسم " بمكة . وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله .

2- وهي السورة الخامسة والثلاثون في ترتيب نزول السور ، فقد كان نزولها بعد سورة " ق " ، وقبل سورة " الطارق " ، أما ترتيبها في المصحف فهي السورة التسعون .

ومن مقاصدها : التنويه بشأن مكة ، لشرفها وحرمتها ووجود البيت المعظم بها ، وتعداد نعم الله –تعالى- على الإنسان حتى يرجع عن عصيانه وغروره ، ويخلص العبادة لخالقه ، وبيان حسن عاقبة الأخيار ، وسوء عاقبة الأشرار . .

افتتحت السورة الكريمة بالقسم ، تشويقا لما يرد بعده ، وتأكيدا للمقسم عليه .

و " لا " فى مثل هذا التركيب ، يرى المحققون أنها مزيدة للتأكيد ، والمعنى : أقسم بهذا البلد . أى : مكة المكرمة ، وقد جاء القسم بها فى قوله - تعالى - : { والتين والزيتون . وَطُورِ سِينِينَ . وهذا البلد الأمين } قال الشيخ محمد عبده - رحمه الله - : قوله : { لاَ أُقْسِمُ . . } عبارة من عبارات العرب فى القسم ، يراد بها تأكيد الخبر ، كأنه فى ثبوته وظهوره لا يحتاج إلى قسم . ويقال إنه يؤتى بها فى القسم إذا أريد تعظيم المقسم به . كأن القائل يقول : إنى لا أعظمه بالقسم ، لأنه عظيم فى نفسه ، والمعنى فى كل حال على القسم . .

وقال بعض العلماء : " لا " هذه للنفى ، وهذه عبارة تعود العرب أن يقولوها عندما يكون المقسم عليه ظاهر أمره ، كأنه - تعالى - يقول : أنا لا أقسم بهذه الأشياء ، على إثبات هذا المطلوب الذى أذكره بعد ، لأن إثباته أظهر وأجلى وأقوى من أن يحاول محاول إثباته بالقسم .

ويقال : معناه : أنا لا أقسم بهذه الأشياء على إثبات المطلوب ، لأنه أعظم وأجل وأكبر من أن يقسم عليه ، بهذه الأمور الهينة الشأن ، والغرض على هذا الوجه ، تعظيم المقسم عليه ، وتفخيم شأنه . .

والإِشارة بلفظ " هذا " مع بيانه بالبلد ، إشارة إلى حاضر فى أذهان السامعين ، لأن مكة بعضهم كان يعيش فيها . وبعضهم كان يعرفها معرفة لاخفاء معها ، وشبيه بذلك قوله - تعالى - : { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ البلدة الذي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ } وفائدة الإِتييان باسم الإِشارة هنا : تميييز المقسم به أكمل تمييز لقصد التنيويه به .


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
[2]:- سورة الإسراء. الآية 9.