قوله تعالى : { لاَ أُقْسِمُ بهذا البلد } : يجوز أن تكون «لا » : زائدة ، كما تقدم في : «لا أقسم بيوم القيامة » ، قاله الأخفش : أي : أقسم ؛ لأنه قال : «بهذا البلد » ، وقد أقسم به في قوله : { وهذا البلد الأمين } [ التين : 3 ] ، فكيف يجوز القسمُ به ، وقد أقسم به سبحانه ؛ قال الشاعر : [ الطويل ]
5210- تَذَكَّرتُ لَيْلَى فاعْتَرَتْنِي صَبابَةٌ*** وكَادَ صَمِيمُ القَلْبِ لا يَتَقطَّعُ{[60195]}
أي : يتقطع ، ودخل حرف «لا » : صلة ، ومنه قوله تعالى : { مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ } [ الأعراف : 12 ] وقد قال تعالى في سورة «ص » : { مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ } [ ص : 75 ] .
وقرأ الحسن والأعمش{[60196]} وابن كثير : «لأُقْسِمُ » من غير ألفٍ بعد اللام إثباتاً .
وأجاز الأخفش أيضاً ، أن تكون بمعنى : «ألا » .
وقيل : ليست بنفي القسم ، ، وإنما هو كقول العرب : لا والله لا فعلت كذا ، ولا والله ما كان كذا ، لا والله لأفعلن كذا .
وقيل : هي نفي صحيح ، والمعنى : لا أقسم بهذا البلد ، إذا لم تكن فيه بعد خروجك منه . حكاه مكيٌّ ، ورواه ابنُ أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ ، قال : «لا » : رد عليهم ، وهذا اختيار ابن العربي ، لأنه قال : «وأما من قال : إنها رد ، فهو قول ليس له رد ؛ لأنه يصح به المعنى ، ويتمكن اللفظ والمراد » .
فهو رد لكلام من أنكر البعث ، ثم ابتدأ القسم .
وقال القشيريُّ : قوله : «لا » رد لما توهم الإنسان المذكور في هذه السورة ، المغرور في الدنيا ، أي : ليس الأمر كما تحسبه من أنه لم يقسم عليه أحد ، ثم ابتدأ القسم ، وأجمعوا على أنَّ المراد بالبلد : مكَّة المشرفة ، أي : أقسم بالبلد الحرام ، الذي أنت فيه ، لكرامتك عليَّ وحبي لك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.