فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَآ أُقۡسِمُ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة البلد

ويقال سورة لا أقسم ، هي عشرون آية وهي مكية بلا خلاف . وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة لا أقسم بهذا البلد بمكة . وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله .

قوله : { لاَ أُقْسِمُ } «لا » زائدة ، والمعنى : أقسم { بهذا البلد } وقد تقدّم الكلام على هذا في تفسير { لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامة } [ القيامة : 1 ] ومن زيادة «لا » في الكلام في غير القسم قول الشاعر :

تذكرت ليلى فاعترتني صبابة *** وكاد صميم القلب لا يتصدّع

أي يتصدّع ، ومن ذلك قوله : { مَا مَنَعَكَ أَن لاَ تَسْجُدُ } [ الأعراف : 12 ] أي أن تسجد . قال الواحدي : أجمع المفسرون على أن هذا قسم بالبلد الحرام وهو مكة . قرأ الجمهور { لاَ أُقْسِمُ } وقرأ الحسن والأعمش : { لأُقْسِمُ } من غير ألف . وقيل : هو نفي للقسم ، والمعنى : لا أقسم بهذا البلد إذا لم تكن فيه بعد خروجك منه . وقال مجاهد : إن «لا » رد على من أنكر البعث ، ثم ابتدأ ، فقال أقسم ، والمعنى : ليس الأمر كما تحسبون ، والأوّل أولى . والمعنى : أقسم بالبلد الحرام الذي أنت حلّ فيه . وقال الواسطي : إن المراد بالبلد المدينة ، وهو مع كونه خلاف إجماع المفسرين هو أيضاً مدفوع لكون السورة مكية لا مدنية .

/خ20