فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَآ أُقۡسِمُ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة البلد

ويقال سورة لا أقسم وهي عشرون آية وهي مكية بلا خلاف .

عن ابن عباس قال نزلت بمكة وعن ابن الزبير مثله .

{ لا أقسم بهذا البلد } قد تقدم الكلام على هذا في تفسير { لا أقسم بيوم القيامة } ولا زائدة ومن زيادة لا في الكلام في غير القسم قول الشاعر :

تذكرت ليلى فاعترتني صبابة *** وكاد صميم القلب لا يتصدع

أي يتصدع ، ومن ذلك قوله تعالى : { ما منعك أن لا تسجد } أي أن تسجد ، قال الواحدي : أجمع المفسرون على أن هذا قسم بالبلد الحرام وهو مكة ، وبه قال ابن عباس : قرأ الجمهور لا أقسم وقرئ لأقسم من غير ألف ، وقيل هو نفي للقسم .

والمعنى لا أقسم بهذا البلد إذا لم تكن فيه بعد خروجك منه ، وقال مجاهد إن " لا " رد على من أنكر البعث ثم ابتدأ فقال : " أقسم " والمعنى ليس الأمر كما تحسبون والأول أولى .

والمعنى أقسم بالبلد الحرام وقال الواسطي : أن المراد بالبلد المدينة وهو مع كونه خلاف إجماع المفسرين هو أيضا مدفوع بكون السورة مكية لا مدنية ، ومكة جعلها الله تعالى : { حراما آمنا } { ومثابة للناس } وجعل مسجدها قبلة لأهل المشرق والمغرب ، وشرفه بمقام إبراهيم وحرم فيه الصيد ، وجعل البيت المعمور بإزائه ، ودحيت الأرض من تحته فهذه الفضائل وغيرها لما اجتمعت في مكة دون غيرها أقسم بها .