تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَآ أُقۡسِمُ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة { لا أقسم [ بهذا البلد ] }{[1]}

الآية 1 : قوله تعالى : { لا أقسم بهذا البلد } اختلف في قوله : { لا }{[23625]} :

قال بعضهم : { لا } ههنا في موضع الدفع والرد لمنازعة كانت بين قومه{[23626]} ، فدفع الله تعالى المنازعة من بينهم بقوله : { لا } وكانت تلك المنازعة معروفة في ما بينهم ، فترك ذكرها لذلك كما ذكر الجواب في بعض السور ، ولم يذكر السؤال لما كان السؤال عندهم معروفا ، فترك ذكره ، وهو كقوله تعالى : { إذا زلزلت الأرض زلزالها } [ الزلزلة : 1 ] وغير ذلك .

ومنهم من يقول : إن حرف { لا } مرة يستعمل في حق الصلة والتأكيد ، ومرة في موضع النفي ، فيظهر{[23627]} مراده بما يعقبه من الكلام . فإن كان الذي يعقبه إثباتا فهو بحق التأكيد ، وإن كان الذي يعقبه من الكلام نفيا فهو في موضع النفي . ثم الذي عقبه من الكلام [ ههنا ]{[23628]} إثبات ، وليس بنفي ، فدل أنه في موضع التأكيد ؛ فكأنه قال : لأقسم بهذا البلد .

ثم كان حقه أن يقرأ لأقسمن بهذا البلد بإثبات النون كما يقال : لأفعلن في اليمين ، لكن نون التأكيد قد تذكر/641 – ب/في موضع ، وقد لا تذكر . قال الله تعالى : { وإن ربك ليحكم بينهم } [ النحل : 124 ] والله أعلم .

وقوله تعالى : { بهذا البلد } قالوا : أريد بهذا البلد مكة ، فأقسم بها بما عظم شأنها بما سبق ذكرنا له وبخاصة هي معظمة في أعين أهلها ؛ ثم كان من عادة الكفرة القسم بكل ما يعطونه ، فعاملهم الله تعالى من الوجه الذي جرت العادة في ما بينهم ليؤكد ما قصد إليه بالقسم ، فيزيل عنهم الشبه التي اعترضت .


[1]:- في ط ع: سمح.
[23625]:انظر معجم القراءات القرآنية: ج8/151.
[23626]:من م، في الأصل: قوم.
[23627]:الفاء ساقطة من الأصل وم.
[23628]:ساقطة من الأصل وم.